كتلة الأغلبية والإصلاح السياسي
يتعين على قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي خصوصاً القوى الشبابية توحيد صفوفها والتذكير بمطالبها الشعبية حتى لا تشعر «كتلة الأغلبية» بضعف رقابة الرأي العام الذي يعتبر «العمود الفقري» لشعبية الحكم كما تقول المذكرة التفسيرية للدستور.
بعد الانتخابات مباشرة تساءلنا في هذه الزاوية عن مدى قدرة ما يطلق عليه "كتلة الأغلبية" على تحقيق المطالب الشعبية الأساسية رغم معرفتنا المسبقة بأنها تعاني ككتلة عدم الانسجام السياسي والفكري؛ مما يجعل حتى تسميتها بـ"كتلة الأغلبية" تسمية مجازية، ورغم معرفتنا أيضاً أن المناوئين لهذه الكتلة، وهم كثر وفي مقدمتهم ما يسمى مجازاً "كتلة الأقلية"، لا همّ لهم ولا دور سوى إلقاء اللوم، كل اللوم، وبشكل يفتقر في أغلب الأحيان إلى الموضوعية والإنصاف على الكتلة، ومحاولة إفشال أي عمل تنموي يمكن القيام به لأسباب لم تعد خافية على المتابع المنصف.كان السؤال المحوري ولايزال هو: ترى هل ستعمل الأغلبية البرلمانية على تحقيق ما كانت تدعو إليه، أو بمعنى أكثر دقة ما كان الشعب الكويتي يدعو إليه، وهو تحديداً تطبيق الدستور كاملاً، والبدء بتنفيذ مشروع متكامل للإصلاح السياسي والديمقراطي، ووقف الفساد ومحاكمة منظومته التي بَذّرت مقدرات الدولة، وعبثت في النسيج الاجتماعي من أجل مصالحها الخاصة؟ أم أن "كتلة الأغلبية" ستنشغل وتشغل الناس معها في خلافات هامشية وفي قضايا ثانوية ما سيعيدنا إلى المربع الأول، وسيثير الغضب العارم للناس، خصوصاً الشباب الذين خرجوا بأعداد هائلة إلى الساحات العامة مطالبين بالإصلاح السياسي الجذري والشامل ومكافحة الفساد؟! من السابق لأوانه الإجابة عن هذا السؤال بشكل كامل لكن هنالك بعض المؤشرات السلبية والمقلقة في آن، والتي تبين أن "كتلة الأغلبية" لا تزال تعاني ضبابية الرؤية التي إن لم يتم تداركها سريعاً فإنها قد تهدد تماسك الكتلة، مما سيؤثر بالتالي في إمكانية تحقيقها للآمال الكبيرة التي يعقدها عليها الناس.المؤسف هنا أن عدم تحقيق "كتلة الأغلبية" لإنجازات ملموسة خلال دور الانعقاد الحالي لأي سبب كان سواء نتيجة لضعف التنسيق أو نتيجة لتضارب المصالح في ما بين أعضائها، سيؤثر قطعاً في الثقة التي منحها إياها الشعب، وسيصب في مصلحة منظومة الفساد والقوى المعادية للدستور التي تهاجم "كتلة الأغلبية" ليل نهار بسبب أو من دونه، والتي كلما ضاق عليها الخناق تفننت في تفتيت النسيج الاجتماعي وخلق صراعات هامشية من شأنها إشغال الناس مدة من الزمن في قضايا جانبية مستهلكة مثل الصراعات الفئوية والطائفية.من هذا المنطلق فإنه يتعين على "كتلة الأغلبية" التنسيق مع القوى والشخصيات السياسية والشبابية من أجل بلورة توافق وطني حول مشروع برنامج إصلاح سياسي وديمقراطي محدد يبدأ العمل على تنفيذ خطواته الأولى خلال مدة قصيرة، وإلا فإن صبر الشعب سينفد لا محالة خصوصاً وهو يرى أن الأطراف الطائفية المتطرفة تقود البلد إلى فتنة طائفية مدمرة ستحرق الأخضر واليابس، سيكون من المستحيل أثناءها الحديث عن أي إصلاحات سياسية وديمقراطية حقيقية.من ناحية أخرى، فإنه يتعين على قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي خصوصاً القوى الشبابية توحيد صفوفها والتذكير بمطالبها الشعبية حتى لا تشعر "كتلة الأغلبية" بضعف رقابة الرأي العام الذي يعتبر "العمود الفقري" لشعبية الحكم كما تقول المذكرة التفسيرية للدستور.