الحكومات تخسر دائماً!

نشر في 23-10-2012
آخر تحديث 23-10-2012 | 00:01
تتوهم السلطة كثيراً إذا ما تخيلت أن العبث بالديمقراطية والاستحقاقات السياسية للكويتيين يمكن أن ينجح بالعنف والاعتقالات واتهام المعارضة بأنها تسعى إلى الإطاحة بالنظام من خلال «الإخوان المسلمين» أو الحكومات الخليجية، فمثل هذه الذرائع قد عفا عليها الزمن منذ وقت طويل!
 د. حسن عبدالله جوهر الحكومات دائماً تخسر! هذه قاعدة منطقية ونتيجة حتمية وسنّة بشرية ليس لها علاقة بأحداث الكويت الحالية بقدر ما هي حقيقة ضربت جذورها في التاريخ، وسطّرت ذاتها أمام مرأى ومسمع العالم خلال الشهور الماضية خصوصاً في الوطن العربي، وستبقى الحصيلة النهائية في أي مواجهة بين الحكومات والشعوب لا سيما في البعد السياسي.

والتجربة الكويتية، حالها حال المئات من التجارب عبر تاريخ الأمم والشعوب، شاهدة على مثل هذه النتيجة ليس الآن، ولكن منذ الخمسينيات على أقل تقدير، وانتهاءً بالانتفاضة الشعبية نهاية عام 2011، حيث خسرت الحكومة كل رهاناتها على العبث بالدستور وحماية الفساد والمفسدين، نعم خسرت الدولة الكثير من فرص التنمية والتقدم والتطور، وتفاقمت المشاكل الإدارية والخدمية بسبب هذه المعارك السياسية، ولكن ظلت وستبقى المبادئ العامة والمكتسبات الدستورية حية ومتجددة، وتجد من يحييها ويدافع عنها مهما اختلف الزمان والمكان والأشخاص.

وبالأمس انطلقت مسيرة سياسية جديدة، ولا أتوقع أن تهدأ أو تتراجع، بل ستكبر وتتسع على الرغم من المساعي اليائسة للحكومة ومعها زمرة المطبلين لتشويه سمعة هذا الحراك الشعبي الذي بدأ بإعادة نسج خيوط الالتقاء بين مجاميع كويتية مختلفة ومتباينة ولعلها أيضاً متحاربة ومتنافسة حتى النخاع.

وتتوهم السلطة كثيراً إذا ما تخيلت أن العبث بالديمقراطية والاستحقاقات السياسية للكويتيين يمكن أن ينجح بالعنف والاعتقالات واتهام المعارضة بأنها تسعى إلى الإطاحة بالنظام من خلال "الإخوان المسلمين" أو الحكومات الخليجية، فمثل هذه الذرائع قد عفا عليها الزمن منذ وقت طويل!

إن خطوة الحكومة في تحدي إرادة الناس وكل القوى السياسية والفئات المجتمعية بمعظمها وتعديل نظام التصويت قبل الانتخابات بخمسة أسابيع فقط لم تكن موفقة على الإطلاق؛ ليس من المنظور السياسي بل حتى الاستراتيجي، والخطأ الأكبر من ذلك هو اللجوء إلى الحلول الأمنية وضرب الناس بدلاً من إحكام المنطق والحكمة.

فلا تقليص الأصوات بالطريقة التي تمت بها سيكون مدخلاً للإصلاح السياسي، بدليل حالة الاستياء العامة والإعلان العريض لمقاطعة الانتخابات، ولا العنف والمطاعات سيخمدان الاعتراض والغضب الشعبي، بل إن العنف لا يولد إلا العنف واتساع حجم المعارضة، وإذا كانت السلطة تزعم تأييد الناس لها فلتترك للأقلية الرافضة لمرسوم الضرورة الحق في التعبير عن نفسها وبيان حجمها الفعلي حتى تصل إلى إدراك حقيقة الموقف ميدانياً، وليس عبر همسات بعض المتنفذين وأصحاب المصالح الشخصية في الغرف المغلقة!

ونقولها للمرة الألف نعم نختلف تماماً مع أساليب البعض الطائفية والاستفزازية في كتلة الأغلبية، ولكن تبقى المكتسبات الدستورية والإرادة الشعبية والدفاع عن الحريات والكرامات وحماية بلدنا من الحرامية، من المبادئ التي لن نتخلى عنها، ولن نقبل بأن يتم معاقبتنا كشعب لأن السلطة اختلفت اليوم مع حلفائها السابقين!

back to top