على مدى يومين ناقشنا في بيروت أوضاع تمويل الجمعيات الأهلية دولياً وعربياً ونواحي القصور في ذلك التمويل مما قد يتسبب في ضياع مئات الملايين من الدولارات وذهابها إلى غير الهدف المنشود.
كان النقاش ضمن اجتماعات مجلس أمناء الصندوق العربي لحقوق الإنسان، الذي يتشكل من 11 شخصية عربية، لهم خبرة إقليمية ودولية في المجال ويخدمون مهامهم بشكل تطوعي، كما أنهم يتبرعون للصندوق. ويهدف الصندوق إلى ملء الفراغ في إيجاد فرص تمويلية للجمعيات العربية العاملة بحقوق الإنسان.وقد قدم الصندوق حتى الآن 89 منحة شملت عشرين دولة عربية وزاد إجمالي مبالغها على مليون ونصف المليون دولار.وفكرة الصندوق بالأساس تعتمد تشجيع التبرع العربي لدعم العاملين في حقوق الإنسان، بدلاً من الاستمرار في الاعتماد على الدعم القادم من الخارج بكل ما يتضمنه من علامات استفهام مشروعة أو غير مشروعة.ولذا فإن الدعوة مفتوحة للجميع للتبرع للصندوق من خلال زيارة الموقع www.ahrfund.org.أوضحنا في مقال سابق النتائج التي توصل إليها التقرير الأخير لمنظمة دارا إنترناشيونال بعنوان مؤشر التفاعل الإنساني، والمتخصص في مراقبة ومتابعة سلوك الدول والمنظمات المانحة في العالم وبالذات قياس ذلك السلوك في أكبر الكوارث الإنسانية في 2011 وهي تشاد وكولومبيا والكونغو وهاييتي وكينيا والأراضي الفلسطينية المحتلة وباكستان والصومال والسودان، وكلها مناطق مجاعات وتفاوت بين الجوع والتخمة بينها وبين غيرها.أما الدول المانحة (23) فهي كما أسلفنا أغلبها دول غربية بالإضافة إلى اليابان وليس بينها دولة عربية واحدة.وقد كشف التقرير أن التعهدات المالية للحكومات المانحة لم تتطور باتجاه خدمة الفئات المهمشة والجائعة في العالم، خاصة أن غالبية الكوارث الإنسانية كانت متوقعة الحدوث، ولا يبدو أن المجتمع الدولي جاهز للتحسن في اتجاه حماية المجتمعات الضعيفة، كما دل على ذلك مأساة المجاعة في القرن الإفريقي.وأوضح التقرير أنه على الرغم من كل ما تقوله الحكومات عن التزامها السياسي بدعم المرأة وتمكينها والتخفيف من معاناتها، إلا أنها لا تتم ترجمتها كواقع عملي، كما أكد التقرير استمرار تسييس الإعانات الإنسانية وتأثير ذلك على حرمان الملايين من وصول المساعدات.إنها حكاية قديمة، الاستقرار يبدأ بتقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين البشر والقضاء على الجوع والفقر. وبدون ذلك الفهم فإن كل ما يحدث من جهد تمويلي إنما يعالج جزئيات مبعثرة، وهو جهد وإن كان يسد بعض الحاجات إلا أنه لن يحل المشكلة المزمنة والتفاوت الحاد بين البشر، وينهي المعضلة الأهم ألا وهي الجوع والفقر المدقع.
أخر كلام
معضلة الجوع
19-03-2012