سألتني صديقتي اليابانية إن كنت قد رتبت تكاليف موتي ومصاريف الجنازة أم لا؟
وبصراحة استغربت جدا قلقها والإعداد لتكاليف موتها، لكنها أوضحت أن التكلفة المتوسطة للجنازة هي 65 ألف دولار، وقد دفعته لجنازة زوجها.وشرحت لها ان الدستور الكويتي مسؤول مسؤولية كاملة عن مواطني الدولة منذ لحظة ولادة المواطن إلى يوم وفاته، فمن حركته الأولى في رحم أمه يكفل له الدستور رعاية صحية كاملة هو وأمه منذ ولادته في مستشفى الدولة ولكل مراحل عمره التالية، فالدستور كفل للمواطن حق العلاج والتعليم بجميع مراحله حتى الماجستير والدكتوراه، وحتى منحه تكلفة زواجه وإيجاراً لسكنه حتى يأتي دوره للحصول على مسكن خاص به، كما وفر له راتباً تقاعدياً مدى حياته، ويصل لأولاده من بعد مماته، هذا إلى جانب دعم الدولة له بالمواد التموينية الغذائية الكاملة، والعلاج والتعليم في الخارج، وسلسلة طويلة من الدعم بأسماء متعددة، منها الدعم للمزارعين ولمربي الدواجن والمواشي وأصحاب الجواخير والصناعة والمشروعات الصغيرة والرياضة والجمعيات بكل أغراضها إلى ما لا نهاية من بنود الدعم، وليس على المواطن سوى دفع جزء من تكلفة الماء والكهرباء الخاصة به، والذي تقوم الدولة أيضاً بدعم التكلفة الأكبر منه، فماذا يريد المواطن الكويتي أكثر من ذلك؟أليس حق العلاج والتعليم والدعم المادي والرعاية بكل أشكالها من مسكن ومأكل ومشرب وراتب تقاعدي، ألا تعني كفالة لكرامة المواطن ولحفظ حقوقه بالعيش بإنسانية لائقة كريمة؟إذن لماذا يخرج الكويتي في تظاهرة تحت مسمى البحث عن الكرامة في دولة تبعث للمواطن فريق عمل ليقتل فأراً، أو يرش بالمبيدات صرصورا ظهر في منزله، أو لحمل الزبالة المتخلفة من قطع أشجاره أو بيته، فهل مثل هذا المواطن، الذي كفل له الدستور كل حقوقه من حياته إلى وفاته، في حاجة إلى المشاركة في ثورات الربيع العربي، والخروج في تظاهرات تطالب بكرامته بعد هذا الترف كله؟!أرجو ألا يُفهم من كلامي هذا أنني من المستفيدين الذين حصلوا على هبات الدولة المتعددة، لأنني حتى حقي في السكن الخاص، الدولة أكلته علينا بما أن زوجي توفي حين جاء دوره في الحصول على السكن، والمرأة لا يحق لها الحصول على سكن طالما أنها قد اشترت من مالها الخاص سكناً لها، كما أنني لم أستفد من الدولة لا بقسيمة أرض صناعية أو زراعية أو جاخور أو أي شكل من أشكال المصلحة والتنفيع، إلا ما كفله لي الدستور من حق التعليم والعلاج الطبي، ومع هذا أجده حقاً عظيماً لأنه يرعى المواطن وحقوقه الأساسية التي يحسدنا الكثيرون عليه ويتمنون أن يكونوا تحت مظلته.كوني ضد الخروج في تظاهرات لا يعني أنني ضد مطالبها، لأنني خائفة من المندسين فيها الذين ينتظرون بفارغ الصبر مثل هذه الفرص التي تستطيع أن تشعل الكويت بشرارة صغيرة تحقق لهم مآربهم فيها، والكويت بلد صغير يولع في ومضة، وهناك الكثير من المآرب المخططة الجاهزة لالتقام الكويت في مضغة.أنا مع أن يقف جميع أفراد الشعب في إرادة واحدة تقول للفساد بكل أشكاله كفى، لقد شبعنا من الأغذية الفاسدة ومن تجار الإقامات الذين ملأوا البلد بعمالة هامشية دمرتنا، ومن أموال تُسرق وتُنهب على المكشوف من دون أدنى محاسبة لسراق المال العام، بل هناك من يشجع عليها ويمنح النواب القبيضة الملايين لتصب في حساباتهم، ليصوتوا كما يراد منهم، بما يزيد ويشعل فتيل العنصرية بين مختلف الطوائف وإثارة النعرات الدينية بينهم.يجب أن نقف جميعنا ضد هذا الفساد المستشري بشكل نظام الواسطة، بسبب هذه البيروقراطية التي شجعت نواب الخدمات على القيام وكسب الأصوات بسببها، حتى لم تعد هناك حاجة ما لمواطن لا تتم إلا عن طريق واسطته، حتى بات الكويتي حاله من حال الوافد لا تنقضي أموره إلا بواسطة، وباتت خطة التنمية بخبر كان، والكويت نامت في ذيل القائمة، وباتت القطط السمان تتصارع على الحصة الأكبر منها واستغلال انفعال الشباب لتحقيق مآربها.الصراع الآن بين المليارات والملايين لاقتسام الغنائم، إذن نحن لا نريد أن نأكل ونشرب، نحن نريد أن نتساوى في مردود السرقات طالما لا توجد هناك عدالة في توزيعها.
توابل - ثقافات
من ينهب الحصة الأكبر؟
12-11-2012