مع الأسف الشديد ليس بمقدورنا، رغم بشاعة جرائم النظام السوري القمعي التي تدمي القلوب، سوى التضامن المعنوي بإدانة انتهاكاته مع جمع التبرعات لدواع إنسانية صرفة عينية أو مالية على أن تخضع لرقابة الدولة، ثم الطلب من الحكومة أن تتحرك دبلوماسياً لاتخاذ موقف خليجي موحد، وحث المجتمع الدولي على إنقاذ الشعب السوري.

Ad

"هجم على منازلنا شبيحة وقوات أمن وجيش بلباس مموه، وحاصرونا كالغنم في المنازل وأطلقوا النار علينا وقتلوا والدي وأخي وأمي وهاجموا حارتنا وحارة السد"... إحدى النساء الناجيات (الشرق الأوسط- 28 مايو 2012).

مجزرة بشرية جديدة وبشعة ارتكبها النظام السوري القمعي بمنطقة "الحولة" في ريف محافظة حمص راح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء والناس الأبرياء، ومن المؤسف أن ردة الفعل العربية والدولية الرسمية لم تكن بقدر بشاعة "مجزرة الحولة" التي تأتي ضمن سلسلة الجرائم الشنيعة التي يرتكبها النظام القمعي يومياً ضد الشعب السوري الثائر.

وينبئ ذلك بأن الاعتماد على الحل الدولي للأزمة السورية لن يكون مجدياً على المدى القصير على الأقل، خصوصاً أن المصالح الإقليمية والدولية في سورية تتشابك بشكل معقد للغاية إلى درجة يصعب معها أحياناً فك طلاسمها ومعرفة تقاطعاتها، فضلاً عن الطبيعة البوليسية المعقدة للنظام الاستبدادي التي بناها على مدى عقود من الزمن، لذا ليس من السهولة انهيارها في المدى المنظور رغم أن المستقبل لن يكون في مصلحة النظام البوليسي الذي يبدو أنه يفقد كل يوم جزءاً معتبراً من رصيده الشعبي والدولي.

إزاء هذا الوضع الإقليمي والدولي المعقد للغاية، وفي ظل استبداد النظام وبشاعة جرائمه ضد الإنسانية التي يمكن أن تقود إلى حرب أهلية مدمرة قد تنتهي بتقسيم سورية، ومع الأخذ في الاعتبار إمكاناتنا وقدراتنا، وما قد يترتب على الوضع السوري في المستقبل القريب من تبعات أمنية وسياسية، فإنه ليس بمقدورنا، مع الأسف الشديد، رغم بشاعة جرائم النظام القمعي التي تدمي القلوب، سوى التضامن المعنوي بإدانة انتهاكات النظام لحقوق الإنسان مع جمع التبرعات لدواع إنسانية صرفة سواء العينية أو المالية والتي يجب أن تخضع لرقابة الدولة، ثم الطلب من الحكومة أن تقوم بتحرك دبلوماسي سريع من أجل اتخاذ موقف خليجي موحد، وحث المجتمع الدولي على التحرك السريع لإنقاذ الشعب السوري البطل الذي يقدم كل يوم ثمناً باهظاً من أجل كرامته وحريته وحقه الإنساني في العيش الكريم.

أما غير ذلك مثل الضغط على الحكومة أو دعوتها للتدخل المسلح المباشر في الشأن السوري كالطلب منها دعم "الجيش الحر" أو دعم الكفاح المسلح الذي تقوم به فصائل سورية معارضة، فإنه لن يكون في مصلحة الكويت البتة، فضلاً عن أنه من المستحيل أن يكون بمقدورها وحدها تنفيذه، إذ إن الأمر يتطلب موقفاً خليجياً وعربياً موحداً يأخذ في الاعتبار النتائج السلبية والأضرار المستقبلية التي يمكن أن تترتب على مثل هذه الخطوة المعقدة والخطيرة جداً.

قصارى القول إن من الطبيعي جداً أن نختلف حول سياساتنا الداخلية، لكن عندما يأتي الأمر إلى سياستنا الخارجية، فإن من الضرورة بمكان أن تتوافق الرؤى الرسمية والشعبية مع الأخذ في الاعتبار إمكاناتنا وقدراتنا المتواضعة التي لن تؤهلنا بأي حال من الأحوال للعب دور إقليمي أو عالمي منفرد... فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه!