رعب الثقافة

نشر في 23-09-2012
آخر تحديث 23-09-2012 | 00:00
 ناصر الظفيري في ثمانينيات القرن الماضي كنا مجموعة من الشباب من جنسيات عربية مختلفة في جامعة الكويت جمعتنا البدايات الأدبية من نثر وشعر وقصة ننشر في صفحة من صفحات آفاق الجامعية والتي يرأس تحريرها في ذلك الوقت الدكتور عبدالله الغزالي. وكنا من كليات مختلفة كالطب والهندسة والعلوم والحقوق والآداب مما جعل لقاءاتنا صعبة ونفتش عن مكان نلتقي فيه في احدى الكليات. وجدنا مكانا مهجورا يعلوه الغبار بين مدرجين في كلية العلوم تم استخدامه كمخزن لبعض الأثاث القديم. تقدمنا بطلب الى ادارة كلية العلوم وأحالتنا الى ادارة الجامعة التي وافقت على تخصيص المكان لنا على أن نكون تحت اشراف احدى ادارات الأنشطة الثقافية. تسلمنا المفتاح وعملنا على تنظيف المكان، وكان طموحنا أن نجعل منه مكانا يصلح لمكتبة ثقافية نتبرع جميعا بانشائها من مالنا ومكتباتنا المنزلية وصالة تضم طاولة قديمة وكراسي مستعملة من الأثاث الذي عثرنا عليه. كان المكان الصغير بين مدرجين في كلية العلوم، جنتنا التي عثرنا والتي تم طردنا منها بذات السرعة التي عثرنا بها عليها. وكانت واجهة المبنى الزجاجية هي السبب في اكتشاف الأخوان لنا.

كان الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت، وما زال، تحت قيادة جناح الإخوان المسلمين وما ان انتبهوا لوجود تجمع مختلط يلتقي في غرفة مهملة بين مدرجين حتى جنّ جنونهم واعتبروا لقاءنا كبيرة من الكبائر. دخل أحدهم الى اجتماعنا واستفسر عن سر لقائنا فدعوناه أن يجلس ويستمع لنقاشنا، كنا نناقش أعمال بعضنا حينها، الا أنه رفض وهددنا بأن يلغي وجودنا لأن التجمع المختلط لا يجوز. لم نأخذ تهديده على محمل الجد لأننا نلتقي بإذن من ادارة الجامعة ولدينا مفتاح المكان الذي استلمناه من الادارة وهي الوحيدة المخولة بإلغاء تجمعنا. في الأسبوع التالي، موعد لقائنا القادم، لم يفتح مفتاحنا الذي استلمناه من ادارة الجامعة باب غرفتنا الزجاجي. تجمعنا أمام الباب نحاول أن نفسر ما جرى وبعد عدة ايام اكتشفنا أن الادارة خضعت لرغبة الإخوة في الاتحاد وقامت بتسليمهم الغرفة الصغيرة واعتذروا لنا بأن الاتحاد بحاجة لها.

بقيت الغرفة حتى تخرجنا مغلقة لم يستخدمها الاتحاد قط ورحنا نلتقي رغما عن أنف الاتحاد في أي مدرج خال، ونقيم أمسياتنا الشعرية والقصصية هنا وهناك دون أن نجد مقرا يضمنا. تذكرت هذه الحادثة وأنا أشفق على الأنشطة التي لا تحتضنها الدولة وتبحث عن أماكنها الخاصة لتمارس هواياتها الثقافية. وفي بداية الموسم الثقافي نعرف الصعوبات التي تواجهها التجمعات الخاصة والتي تقام في البيوت والمقاهي بشكل منفرد وغير جماهيري ونتمنى من المؤسسات التجارية في البلاد أن ترعى ملتقيات المثقفين خصوصا وأن تكلفة اقامة ملتقى لا تشكل رقما يذكر في ميزانياتها. وتذكرت هذه الحادثة بعد هدم حماس لمقر ملتقى المثقفين في غزة وسأتذكرها في ما يلي من أيام.

• شكرا لرابطة الأدباء في الكويت وشكرا خاصا لشبابها لتكريمهم الشاعر الكبير علي السبتي، أطال الله في عمره، وهو تاريخ طويل واكب الحركة الثقافية منذ بداياتها حتى زمنها الحاضر.

back to top