الأغلبية الصامتة: استقيلووووا
سنحتاج إلى الكثير من الوقت، إن كان هناك وقت أصلاً كي نستوعب الخبر الجلل، مجلس 2009 يعود وبقوة الدستور، والحكم صدر من المحكمة الدستورية التي لا يطعن في قراراتها.لقد كان هناك صوت خفيض يقول إن هذا المجلس باطل، ولكن من يسمع من خلال فترة الانتخابات؟ ومن يتمعن في الرأي المخالف وسط أناس يدها تمتد إلى العقال أسرع من مدها إلى القلم والقرطاس، والآن سأقول بصوت خفيض لن يُسمع هو الآخر: عاد المجلس السابق أو بقي المجلس المنحل فهو أمر غير مهم، المهم هو النفوس التي شُحنت والمودة التي ذَبُلت والضمائر التي فسدت، يا ترى كم من الوقت والمال والجهد نحتاجه كي نحظى مجدداً بتسامحنا وتراحمنا وألفتنا؟
في مثل هذه الأوضاع المعكوسة من الضد إلى ضده وإليه مرة آخرى، لا مجال للشماتة المتبادلة كما يفعل الطارئون على العمل السياسي أو «الخاوون» إلا من الجهل المركب والعصبيات البغيضة، لأن المطلوب هو الدعوة إلى التهدئة والعقلانية حتى لا تتحول هذه المرحلة إلى امتداد جديد للأزمات المتلاحقة التي تشهدها الكويت منذ سنوات عدة.نحن الآن أمام وقائع جديدة وإجراءات متوقعة، الحكومة استعادت غطاءها النيابي الذي فقدته في المجلس الذي أسقطته المحكمة الدستورية، الأغلبية النيابية عادت من جديد أقلية، ورئاسة مجلس الأمة رجعت إلى جاسم الخرافي، ورئاسة مجلس الوزراء بقيادة مختلفة، وعودة التمثيل السياسي للمرأة وقوى سياسية خسرت الانتخابات، أما الإجراءات المتوقعة فهي: استقالة نواب الأقلية من المجلس العائد، وقد أعلن عدد كبير منهم أثناء كتابة المقال استقالته بالفعل، دفع نواب الأكثرية العائدة إلى السلطة بضرورة الاستمرار بالمجلس واستثمار هذه الفرصة الذهبية إلى أبعد مدى في إنجاز القوانين و»إسعاد» الناس وترك من يريد الاستقالة «لحاله» لأن البديل سيأتي بالانتخابات التكميلية، ويتوقع أن تسعى الأغلبية النيابية العائدة وخلفها قوى «معارضة المعارضة» إلى إغراء الحكومة لتعديل النظام الانتخابي وتعديل القوانين المقيدة للحريات.الإجراء المهم المتوقع الذي ينتظره الجميع هو «تصحيح» إجراءات حل مجلس 2009 وحله مجدداً لأنه سقط شعبياً قبل حله وبعده في نوفمبر الماضي، والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة، واستقالة نواب الأقلية بصورة سريعة سيعجل الإجراء المنتظر. ما يتبقى لدينا الآن هو التنبيه إلى مخاطر «نقد» حكم المحكمة الدستورية وربطه بأي سياق سياسي تآمري لأن المحكمة قامت بواجبها ونظرت بسلامة إجراءات الحل، وأبطلت كل ما لحق بها، أما فكرة النزول إلى الشارع فهي ليست محلها لعدم وجود خصم واضح، والحكومة حتى قبل يومين عرضت التعاون مع الأغلبية النيابية في مسألة تشكيل الحكومة الجديدة فضد من نتظاهر؟في الختام ها نحن نعود من جديد إلى حالة «الاستنزاف السياسي» التي جعلت الناخب الكويتي يختار مرشحيه تحت تأثير الغضب والخوف، والنتيجة ظهرت كما رأينا مجلس أمة يعج بالطائفيين والقبليين والفئويين ليس لديه الوقت للكويت أو الكويتيين.الفقرة الأخيرة: لم تتعلموا ولن تتعلموا لأنكم طارئون على العمل السياسي والديمقراطي.