يعاني مجال النشر المحلي مشكلات منوعة، بعضها مرتبط بالمبدع ومعظمها يخضع لجشع دور النشر وإهمالها، لا سيما أن بعض هذه المؤسسات الثقافية يبحث عن الربح المادي بغض النظر عن القيمة الأدبية. ورغم تضاعف عدد الدور فإن هذه الزيادة لم تستطع إشعال المنافسة والقضاء على سلبيات واقع النشر المحلي.

Ad

يعتبر الشاعر محمد هشام المغربي أن ثمة مشكلات كبيرة يعانيها مجال النشر والتوزيع، لا سيما أن الإقبال على القراءة ضعيف، كذلك الحرص على اقتناء الكتب، لافتاً إلى أن انخفاض نسبة القراءة ليس السبب الرئيس في ضعف القوة الشرائية للكتاب بل ثمة قضايا تربوية وتعليمية تساهم في تأصيل العزوف عن القراءة، ثم يترتب على ذلك تدني مبيعات الكتاب.

وفي حديث عن طباعة الكتاب، يأسف المغربي لارتفاع تكاليف طباعته محلياً، وصعوبة التعامل مع دور النشر بسبب جشع الناشر الباحث عن الربح المادي الوفير، مهملاً واجباته في الترويج للإصدار وتاركاً مهمة التسويق على عاتق المؤلف غير مكترث بالدعاية الإعلانية.

ويستطرد المغربي متحدثاً عن صعوبة واقع النشر والتوزيع محلياً، مبيناً أن ثمة شروط يفرضها الناشر تضمن له بيع الإصدار مرتين، الأولى على المؤلف والأخرى على القارئ، ويقول: «يقبل الكاتب على مضض هذه الشروط رغبة في تسويق نتاجه الأدبي، باحثاً عن فضاء أوسع وجمهور أكبر ولكن هذه الأمنيات تذهب أدراج الرياح بسبب جشع بعض الناشرين، لذلك يلجأ بعض الكتاب إلى البحث عن دور نشر أخرى ربما خارج بلده».

تعامل تجاري

في السياق ذاته، تأسف القاصة نورا بوغيث لعدم تقدير الأدب محلياً وسوء تعاطي الناشر مع الأديب، مشيرة إلى طغيان التعامل التجاري البحت بين الناشر والكاتب، وتذكر: «يتعامل بعض الناشرين مع الإصدارات الأدبية كأي سلعة تجارية للأسف، متجاهلين قيمتها الأدبية. أعتقد أن الأدب يعاني مشكلات منوعة، بدءاً بالنشر والتوزيع والطباعة وقلة الدعم للكاتب من المؤسسات الحكومية والخاصة».

تلفت بوغيث إلى ارتفاع عدد دور النشر في المشهد الثقافي، لكن لم تلمس ظهور نتائج إيجابية كبيرة لهذه الوفرة، وترى أن ثمة مشكلات ستزول رويداً رويداً عقب تضاعف عدد الدور، لا سيما أن هذا الارتفاع بالعدد سيساهم في اشتعال التنافس بين هذه المؤسسات الثقافية في جذب الكاتب. وتبين القاصة أن الوضع راهناً «مكانك سر»، إذ لا يزال الكاتب يتولى مهمة التسويق لإعماله الأدبية والتعريف بنفسه بسبب مشاكل أخرى لا تتعلق بدور النشر، أبرزها قلة عدد القراء وانشغال شرائح المجتمع في متابعة آخر أخبار التكنولوجيا والتقنيات الحديثة.

وفي حديث عن نسبة المبيعات تقول بوغيث: «من الصعب تحديد هذا المعدل، لا سيما أن ثمة إصدارات تحقق مبيعات خارج بلد المؤلف بينما تكون نسبة المبيعات ضئيلة جداً في بلده، فضلاً عن أن دور النشر تهمل مسألة الترويج للكتاب متبعة أسلوباً متواضعاً في التسويق لا يخضع لمعايير مكانة المؤلف وأهميته. كذلك ثمة مشكلات أخرى مرتبطة بالقارئ، إذ تجده يبحث عن إصدارات الدار التي يثق فيها متجاهلا قيمة الكتاب الأدبية».

ضعف التوزيع

يروي الكاتب بسام المسلم جانباً من تجربته الشخصية مع النشر، مؤكداً أن مجموعته القصصية الأولى لم تنل حظاً وافراً من التوزيع، خصوصاً أنها من إصدار جمعية نفع عام، مبيناً أن «رابطة الأدباء الكويتيين» تولت التسويق لها وتوزيعها ضمن مناسبات معينة، ويوضح: «نظراً إلى هذه الظروف قررت الأخذ بنصيحة بعض الزملاء في إعادة نشر قصتين من كتابي الأول ضمن مجموعتي الجديدة لتكونا همزتي وصل بين الإصدارين ولإطلاع القارئ على نماذج من الكتاب الأول». كذلك يؤكد أن ضعف التوزيع أو انعدامه خارج الكويت يشكل هاجساً لدى المؤلف الذي يطمح إلى تكوين قاعدة من القراء العرب.

سلم الأولويات

الكاتبة أمل الرندي تمتدح دار النشر التي تتعامل معها، مبينة أن دار «الحافظ السورية» لا تدخر وسعاً في تقديم الأفضل للمؤلف سواء من ناحية جودة الطباعة أو تنوع وسائل التسويق، وتقول ضمن هذا السياق: «تربطني علاقة طيبة بالمسؤولين عن الدار، وقد طبعت لي أكثر من عشرة إصدارات خلال الأعوام الفائتة، وقد سررت لهذا الالتزام والعقد المبرم بيننا لأننا، أنا والدار، نبحث عن تقديم إصدار يحقق النجاح ويدفعنا إلى الاستمرارية بعيداً عن أي أمور أخرى، ربما تأتي ضمن الدرجة الثانية من أولويات الكاتب، إضافة إلى أن الدار لها انتشار واسع في الوطن العربي، وتحظى باهتمام القراء».

وتلفت الرندي إلى مشكلات متعلقة بالنشر والتوزيع، موضحة أنها استمعت إليها من زميلات وزملاء في السرد.