بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس 2012، كتبنا مقالاً عن العبر والدروس المستسقاة من هذه التجربة، وأهمية اتعاظ الأغلبية المبطلة من تلك الدروس بعدما أصابهم الغرور بعددهم وظنوا أن باستطاعتهم تمرير ما يريدون من قرارات مخالفة للدستور وللائحة الداخلية، وتسفيه الآراء المخالفة لهم وإهانة وازدراء أصحابها، ومثال على ذلك الوزير الشمالي الذي سموه باللص والفاسد بينما ثارت ثائرتهم عندما أطلق عليهم الوزير مصطلح "نواب الجواخير"، فجاء قرار بطلان المجلس ليجعل أغلبيتهم وكأنها شيء لم يكن.
لكن ما رأيناه هو العكس، فالهستيريا التي أصابتهم نتيجة صدمة قرار بطلان المجلس جعلتهم يزدادون تخبطاً، وفقدان مصداقيتهم تدريجياً أمام الشارع جعلهم يحاولون التصريح بأي شيء من أجل كسب الشعبية من جديد ولو على حساب البلد واستقراره، فرأينا تصاعدا في لغة الاتهامات والتخوين لكل مخالفيهم، فهم وحدهم المصلحون الدستوريون ومن لا يقف معهم هم أزلام السلطة والفاسدون، ورأينا تصاعدا أيضا في لغة الشتائم حتى باتت مصطلحات مثل "خبل وأذناب" عادية جدا في خطاباتهم، خاصة عندما تتعلق تصريحاتهم بما يجري من أحداث إقليمية عاصفة، فنجدهم يلعبون على الوتر الطائفي في محاولة لكسب تعاطف الشارع بعدما فقدوه نتيجة لتخبطهم ونكثهم لوعودهم الانتخابية.لكن كل ذلك انقلب عليهم من جديد بعد الإشاعات التي راجت عن تورط بعض النواب في دعم خلية الإمارات وربط ذلك بما يجري في البلد من تحركات يقال عنها إنها "انقلابية"، ففجأة صارت لغة التخوين والاتهام بالخيانة عن طريق الأكاذيب "جريمة وإرهاباً"! والسؤال هنا: "ما عدا مما بدا؟!". نعم لقد انقلب السحر على الساحر، فكما تدين تدان، فمثلما سفهتم آراء من لا يوافقكم الرأي واتهمتموهم بالتبعية لسلطة الفساد، جاء اليوم من يسفه آراءكم ويتهمكم بالفساد نفسه.ومثلما غمز بعضكم وشكك في ولاء بعض شرائح المجتمع جاء اليوم من يتهمكم بخيانة الوطن ومحاولة الانقلاب عليه، ومثلما خونتم معارضة البحرين واتهمتموها بالخيانة والتبعية للخارج زوراً وبهتاناً- والتي نفاها تقرير بسيوني- ورحتم على إثر ذلك تنشدون الفدرالية والاتحاد الخليجي فقط نكاية بتلك المعارضة، جاء اليوم مسؤول من نفس دول الاتحاد الذي تنشدونه ليتهمكم بنفس تهم الخيانة والتبعية للخارج، فصرتم تستنكرون الآن محاولة التخوين من خارج الحدود!فاليوم تجنون العاصفة بعدما زرعتم الريح، ومثلما نرفض خطاب التخوين لأي لون من ألوان المجتمع، ونرفض تدخل مسؤولين من دول شقيقة في الشأن الداخلي الكويتي، فمن الأولى أن نرفض لغتكم التخوينية التي مارستموها في عدة مناسبات ضد أبناء المجتمع فقط من أجل استثارة العاطفة للوصول إلى الكرسي الأخضر، غير آبهين بتبعات مثل هذا الخطاب المدمر على البلد ومستقبله، ونذكركم مرة أخرى بأن تتعلموا من العبر والدروس التي تسطرها لكم الأحداث بدلا من الوقوع في ذات الأخطاء الفادحة المرة تلو الأخرى لتروا بأم أعينكم أن الله "ما يطق بعصا".
مقالات
الله ما يطق بعصا
06-09-2012