نفس الشي
لنضع مطالباتهم على طاولة الاختبار ولنقيمها لنكشف زيفها، فالمطالبة بالإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة حسب ما يدّعون هي لإصلاح وضع قائم سيئ، وهو ما أتفق فيه معهم طبعاً وكل كويتي بلا شك يؤمن بأن الوضع سيئ. ولنعدد مجالات السوء الأكثر أهمية برأيي: حرية – تعليم – عدالة أكثر – استقرار مالي. فعلى صعيد الحرية قيدت الدولة ممثلة بالحكومة الحريات على مر السنوات الماضية، وتحديدا منذ حل مجلس 1975 حلا غير دستوري، مرورا بتحالفها مع القوى الدينية، وهي الجزء الأكبر من أغلبية المجلس الباطل، وأتت اليوم أغلبية المجلس الباطل لتضيف على تضييق الحريات قيوداً إضافية؛ منها على سبيل المثال لا الحصر، المطالبة بإلغاء ملتقى النهضة، وإزالة الكنائس، وتقييد ما يلبسه الناس، ومراقبة الحسينيات، وتقييد التشريعات بمصدر واحد بدلا من تعدده، إذن فالنتيجة بباب الحريات تساوي الحكومة والنواب والاثنان يقتلان الحرية في بلادي. أما التعليم فمن نفس التوقيت، أي حل مجلس 1975 إلى اليوم والحكومة تزيد من تردي التعليم أكثر فأكثر، وتبث السموم في المناهج وتزرع الكره في النفوس، بل حولت "حمد وقلمه" إلى "أنا آكل وأشرب"، واعترفت بجامعات تبيع الشهادات قبل أن تتراجع، فما كان من الأغلبية المبطلة إلا أن كرمت هؤلاء بما يسمى بجامعة جابر، والتي تجيز تعيين حملة الماجستير كأساتذة في الجامعة المقرة أخيرا، وهو ما يعني خفض المستوى الأكاديمي بدلا من الارتقاء به، وهذا ملف آخر تعمدت الحكومة أن تقلل من مستواه، فأتت الأغلبية المبطلة وأجهزت عليه. أما العدالة التي أعتقد أنها ما زالت مقيدة وأسيرة لسلطة تنفيذية سعت إلى المحافظة على هذا القيد على السلطة القضائية منذ سنوات، وبدلا من أن تُمنح هذه السلطة استقلالا أكبر بتشريعات كان بإمكان الأغلبية المبطلة إقرارها لولا انصرافها لأمور أقل شأنا، أقول بدل أن يمنح القضاء استقلالا أكبر باتت السلطة التشريعية ممثلة بالأغلبية تلعب دور الضغط على القضاء إن لم تخرج الأحكام على ما يشتهون، ولنا في بيانهم المقيت بعد حكم الدستورية خير دليل، ناهيكم عن عرقلتهم لاقتراح محمد الصقر حول المحكمة الدستورية، هذا الملف أيضا يثبت أن الحكومات بالإضافة إلى الأغلبية المبطلة يساهمون عمدا في تقييد القضاء. نأتي إلى الملف الأخير وهو الملف المالي للدولة، فبعد رمزي التيار الوطني ومن معهما، وأعني هنا عبدالله النيباري وحمد الجوعان، وما قدموه من مساهمات واضحة في الحفاظ على موارد الدخل من خلال تأميم شركات النفط والتأمينات الاجتماعية والدفع بصندوق الأجيال القادمة لم تقم الحكومة بإيجاد أي مصدر دخل بديل إلى اليوم، ولن تجد في ظل العقليات والرؤية الحالية، فلم يكن من الأغلبية المبطلة إلا أن أقدمت على "تفليس" الدولة من خلال زيادات وبدلات وكوادر غير مدروسة للمواطنين، فاشترت أصوات الناس من خزينة الدولة، وإن أقدم وزير على وقف هذا الهدر المنظم أعدموه سياسيا. بلد أسير تعليم متهالك، وعدالة مقيدة، وإفلاس قريب هو نتاج الحكومات المتعاقبة ومنهج الأغلبية المبطلة، وإن تسلمت الأغلبية المبطلة السلطتين بدل سلطة واحدة فالحال لن تتغير، وإن استلمت عقلية الحكومة السلطتين فالحال لن تتغير كذلك، والحل هو بزوال هذين القطبين اللذين أساءا إلى الكويت، وهنا لا أناقش أسماء بل منهجا تسير عليه السلطتان.
خارج نطاق التغطية: جاسم القطامي وسمير سعيد كلمات جميلة وطنية مخلصة لا تتكرر، ترحل عن كويتنا في وقت نحن في أمس الحاجة إليها، فإلى جنات الخلد يا رموز الوطن.