أحد رواد الأغنية الكويتية الحديثة

Ad

خالد الزايد أحد الملحنين الكويتيين القلائل الذين لا يقدمون ألحاناً إلا بعد دراستها ويجدون أنفسهم فيها قبل كل شيء، فهو بحق فنان كبير بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، ولا يبالي في تقديم كم هائل من الألحان للحصول على مزيد من الأموال، بل يركّز على تقديم أصوات غنائية جديدة من الشباب ومن العناصر المتميزة في أداء الفن الشعبي، من بينها: الفنانة الراحلة عائشة المرطة، فيصل عبد الله، راشد سلطان، إبراهيم القطان، رباب، أشجان وغيرهم، فابتكر لها ألحاناً عذبة وجميلة وأصيلة رفعتها إلى مصاف النجومية.

اسمه الثلاثي خالد غانم الزايد، من مواليد 1943، متزوج وله من الأبناء: هيثم وهو أكبر الأولاد، ومن البنات هيا أكبرهن...

بعدما حاز الثانوية العامة في ثانوية الشويخ (1962) سافر إلى جمهورية مصر العربية لإكمال دراسته الجامعية في الاسكندرية، لكنه ما لبث أن عاد إلى الكويت ودرس في معهد المعلمين شعبة عامة لمدة سنة وعين مدرّساً للمواد العامة في وزارة التربية، ثم عمل في مكتبة التراث (كانت تابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب آنذاك)، من ثم تقاعد وتعاون مع «فرقة التلفزيون للفنون» كملحن ومدرب على نظام المكافأة، وقدم لها أغاني جميلة من أبرزها: «حي لبنى»، «مشتاق»، «أسهر»، «سلبت القلب»...

هواية

برزت موهبة خالد الزايد منذ طفولته من خلال أنشطة غنائية في المدارس في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وفي الأندية الصيفية التي برز فيها فنانو الكويت في المجالات كافة، وعندما وصل الزايد إلى الدراسة الثانوية أصبحت هواية الغناء والعزف عنده واضحة ومصقولة، وقد ساعده على ذلك إتقانه العزف على آلة العود وأداء الأغاني بصوت جميل، وعندما اشتهر كملحن سجل أكثر من أغنية بصوته، وشارك في الغناء في حفلات، داخل الكويت وخارجها.

في المرحلة الثانوية (1964) كان مع خالد الزايد أصدقاء موهوبون من بينهم: المخرج التلفزيوني والسينمائي عبد الله المحيلان، الشاعر الغنائي بدر بورسلي، فانتموا جميعهم إلى فرقة ترويحية لتقديم فقرات غنائية على خشبة مسرح ثانوية الشويخ في المناسبات العامة، وفي تلك الفترة تعرف خالد الزايد، عن طريق ابن خالته، إلى يحيى أحمد الذي كان مطرباً معتمداً في إذاعة الكويت.

وفي أحد الأيام قرر الثلاثي: خالد الزايد، عبد الله المحيلان، يحيى أحمد تأليف أغنية وتلحينها ليغنيها يحيى أحمد في الإذاعة... فعلاً بدأ عبد الله المحيلان كتابة كلمات الأغنية، ولحنها خالد الزايد، إلا أن ظروفاً حالت دون تنفيذها، بسبب سفر الزايد إلى جمهورية مصر العربية لاستكمال دراسته الجامعية، وعبد الله المحيلان للدراسة في القاهرة ولم يكتمل مشروع التعاون الثلاثي، فتأجل حلم الدخول إلى عالم الأغنية والأضواء إلى فرصة أخرى..

بداية التلحين

بداية خالد الزايد مع التلحين كانت عندما أجيز كملحن في إذاعة الكويت (1967)، ويعود الفضل في تقديمه إلى الإذاعة إلى الملحن عثمان السيد والشعراء: بدر الجاسر، خالد العياف، فايق عبد الجليل، بدر بورسلي... فانطلق في الكفاح المضني الشاق في دنيا الفنون، وقدم خلال مشواره الفني الطويل ألحاناً غنائية جميلة لكبار الفنانين في الكويت وللعناصر الشبابية والجديدة، وتفوّق في كثير منها على نفسه، وحقق مزيداً من النجاحات للأغنية الكويتية.

أول لحن له كان اسكتشاً غنائياً وطنياً من تأليف الشاعر الغنائي فايق عبد الجليل استغرق العمل فيه ثمانية أشهر، وقبل أن ينتهي من التلحين، فوجئ بأحد الفنانين المشهورين آنذاك يقترح عليه أن يُجزئ الاسكتش إلى أربعة ألحان لأربع أغان عادية لكسب مزيد من المال، إلا أن الزايد لم يكن يشغل باله بمثل هذه الحسبة المالية المعقدة، التي لا تساوي أكثر من الاحتفاظ بهذا العمل في أرشيف الإذاعة، فصمم على تسجيل الاسكتش مهما كانت النتائج، هكذا كان وصوره في التلفزيون وأخذ مكانته كمادة غنائية في مناسبة قومية عزيزة على نفسه وعلى الناس.

يقول خالد الزايد عن هذا اللحن: «أحس كلما استمعت إليه بأنني شاركت في عيدنا القومي ولو بعمل متواضع... ولو كنت جاريت فناننا الكبير لاحتفلت بقيمة الأربعة ألحان من دون أن يكون لي أي ذكر في هذا اليوم».

في أثناء دراسته في معهد المعلمين تعرّف إلى المطرب راشد سلطان، فسجل له أول أغنية عاطفية بعنوان «طويت حبي» من كلمات الشاعر فايق عبد الجليل، ولحن بعد ذلك له أغنية دينية بعنوان «الأندلس» من كلمات الشاعر عبد المحسن الرفاعي.

مع فيصل عبد الله

ارتبط خالد الزايد فنياً مع الفنان فيصل عبد الله والفنانة الراحلة عائشة المرطة (1971) وقدم للأول ثلاث أغنيات في موسم واحد هي: «ما هي غريبة» من كلمات مبارك الحديبي، «يا غناتي» من كلمات الشاعر بدر بورسلي، «على هونك» من كلمات الشاعر الغنائي محمد محروس، تميزت هذه الأغنية بأن الفالص فيها جديد في الأغنية الكويتية، إذ للمرة الأولى يدخل الفالص في «الليوه»، ولا يتوقع المستمع للوهلة الأولى بأنها من لون «الليوه» من خلال الفالص ودخول «الليوه» بعدها.

كذلك غنى فيصل عبد الله «غالي» (1973) من ألحان خالد الزايد وكلمات الشاعر فايق عبد الجليل ، فكانت هذه الأغنية سبباً في شهرته الواسعة، ويقول فيها:

غالي حبيبي كان

وقليبي محتاره

سافر وهو زعلان

وانقطعت أخباره

أدري هو مشتاق

ومطول الغيبه

«يا من يبشرني» من كلمات بدر بورسلي يقول فيها:

يا من يبشرني

وعندي له بشاره

عن اللي هاجرني

ومدرى هوى داره

«ماني مصدق» من كلمات أحمد اليتيم، يقول فيها:

ماني مصدق عيوني

أحبابي يلاقوني

يرتاح في الهوى بالي

وأشوف الفرحة بعيوني

التعاون الثلاثي

تعاون ثلاثي ناجح ربط بين خالد الزايد والشاعر مبارك الحديبي والمطرب فيصل عبد الله ، فقدموا أغاني من بينها: «الهوى جايد»، «يا سعود»، «وينك»، «ما أنسى عيوني»، «الشوق مازارك» التي يقول مطلعها:

الشوق ما زارك

ووصل قلـبك

ولا الهوى دارك

صوب اللي يحبك

إحدى الأغنيات العاطفية الجميلة التي غناها المطرب فيصل عبد الله من ألحان خالد الزايد «يا ليت للعشاق ديره» (1975) من كلمات الشاعر ناشي الحربي، صورت في عام 1984 من إخراج هاشم محمد، يقول في مطلعها:

ياليـت للعشـاق ديره بعيده

أرتاح فيها من حبيب ليالـي

تمشي مع الأشواق واللي تريده

في لوم عذال الهوى ما نبالي

مع الراحلة عائشة المرطة

اللقاء الأول بين خالد الزايد والفنانة عائشة المرطة كان في برنامج تلفزيوني من تقديم عبد الله المحيلان (1971)، تحديداً في فقرة فنية غنائية تجمع بين مطرب وموسيقي، فكان بين الفنانة عائشة المرطة كمطربة موهوبة وخالد الزايد كملحن معروف. بقوة الإرادة والعزيمة والثقة الزائدة قدمت الفنانة الأصيلة عائشة المرطة جديداً لجمهورها بعدما اعتادت مقامات موسيقية.

حققت أغنية «حكم الهوى»، كلمات الشاعر الغنائي ماجد سلطان وألحان خالد الزايد انطلاقة فنية قوية دوت في أرجاء الخليج العربي، ومرحلة جديدة في حياة الفنانة عائشة المرطة انتقلت فيها من «الدفوف» إلى مرحلة الفرق الموسيقية المرافقة للمطرب، وجسدت صورتها وصوتها عبر شاشة التلفزيون، تقول في مطلعها»

ياليلة دانه لدانه

أشكي ولا من يجيب

إن كان هذا جزانا

الله يجازي الحبيب

بعد ذلك سجلت أغنية «البارحة» من تأليف الشاعر الغنائي مبارك الحديبي في استديوهات «القاهرة»(1972)، وخلال التسجيل صودف وجود فنانة مرموقة فأعجبها اللحن وراحت تتمايل طرباً لتقنية الموسيقى، وعندما علمت أن أصحاب هذا العمل هم فنانون كويتيون قالت بالحرف الواحد: «أنا مكنتش أظن أن هناك مستوى زي اللي بسمعه دلوقت»، يقول مطلع «البارحة»:

البارحة يا حبيبي ضاق صدري

والناس نامت وأنا نومي عصاني

ياليت في حالتـي يازين تدري

ما نام ليـلي قـبـل وقت الاذان

واستمر التعاون الفني بين خالد الزايد وعائشة المرطة وظل يبتكر ألحاناً لها بمقامات جديدة وأنغام متطورة تدل على موهبته الفنية، فتميّزت ألحانه بطابعها المحلي الخاص وشعبيتها وبساطتها وسهولتها. بعد «حكم الهوى» توثقت العلاقة بين خالد الزايد والمؤلف ماجد سلطان، وكانت ثمرة هذا التعاون أغنية «عيون الحبايب» من النوع السامري أشبع فيها رغبة عائشة المرطة لهذا الفن الذي عشقته، فأبدعت في أدائه حتى أصبحت فنانة لا تنافس في غناء السامري في الكويت والخليج العربي.

توالت ألحان خالد الزايد الناجحة الشعبية الجميلة المطورة لعائشة المرطة، ومن الأغاني التي لحنها لها «منسية» و{ودعتك الله» (أكتوبر 1974) بمناسبة عيد الفطر المبارك مع مجموعة من الأغنيات العاطفية، يقول مطلعها:

ودعتك الله يا حبيـب الروح

أمانة اللي ما سلت عينه

وان كان ما عندك غرض لا تروح

فرقا السـفر يا حبـيب شينه

«مباركين عرس الإثنين» (1974) من كلمات الشاعر مبارك الحديبي وتتميز بإحساس فني خاص مقرون بشعبية وبساطة وسهولة، ويقول فيها:

مباركين عرس الأثنين

لـيلة ربيع وقـمره

واللي جمـع بيـن القلبين

الله يطول فـي عـمره

«يا هني» وهي من كلمات الشاعر طلال السعيد يقول في مطلعها:

يا هني الذي بالعيد قلبه تهنى

واستراح وتريح عقب شوفـة حبيبه

فاز في شـوفة المجمـول مـن غيـر منة

لين طابـت جروح في ضميره عطيبه

وفي العام نفسه سجل لها أغنية «يطري علـيك» من كلمات مبارك الحديبي، يقول في مطلعها:

يطري علـيك يوم الـتقي وياك

ذيك السنة ما تنسي يا زين

يذكر عليَّ يـا خلي يوم الـقاك

كانت علينا ليلة الاثنين