لم تكن المفاجأة أن تحصل الأديبة ليلى العثمان على جائزة الدولة التقديرية، المفاجأة أن ليلى لم تحصل على الجائزة إلا هذا العام، بعد أن أمضت أكثر من ثلاثة عقود في العمل الأدبي الكويتي والعربي. وجائزة الدولة التقديرية، حسب نص الجائزة، تمنح للذين تركوا بصمة تاريخية على مجال من مجالات فنون الآداب المختلفة في الكويت. وإذا لم تكن ليلى العثمان صاحبة الجائزة، وهي التي أفنت كل حياتها لا تهتم بشيء قدر اهتمامها بالقصة والرواية، حتى أصبحت هي صاحبة جائزة تقدمها للشباب العامل في مجالها الذي أحبته، فمن يمكن أن تكون صاحبة الجائزة.

Ad

نحن هنا لا ندعي بأن ليلى العثمان هي أفضل من كتب القصة والرواية في الكويت، ولا نتطرق للجوانب النقدية والتحليلية لأعمالها، ولا تقدم جائزة الدولة التقديرية بناء على معايير ومفاضلة بين عمل أدبي وآخر. ولكننا نتحدث عن أثر أدبي تركته الكاتبة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وطريق وعرة لأديبة أنثى في مجتمع ذكوري لم يكن فيه كتاب قصة ورواية من الجنسين إلا ما تعده أصابع اليد الواحدة. في ذلك الوقت كانت المحاولات من الجنسين تظهر دون أن تشكل مشروعا روائيا متكاملا، وأغلب كتابات المرأة تظهر هنا وهناك، ولم تؤسس ما يمكن تسميته بالكاتب المشروع، مع تقديرنا الكبير لجميع زميلاتها في الحقل القصصي والروائي.

ليلى العثمان واصلت طريقها بقسوة، والحياة الناعمة التي عاشتها كان بإمكانها أن تثنيها عن كل هذا العناء، واستطاعت خلال هذا الزمن الطويل أن تترك أثرا هو في ما أرى أهم بكثير من تجربتها الشخصية، فهي من مهدت للكتابة النسوية التي نراها اليوم بشق طريقها خلف ذلك الأثر. وحين نناقش أعمال ليلى العثمان علينا دائما أن نتذكر تاريخ الكتابة في الكتابة لا الكتابة وحدها، ولا أظن أن هناك من ينكر تاريخ هذه الكاتبة التي انتبهت الدولة لها مؤخرا لتمنحها التقدير.

في مقال سابق عن ليلى العثمان تذكرت وفاءها للكتابة الشابة وتواصلها الدائم مع الكتاب، واليوم أتذكر وفاء ليلى العثمان مع بيئتها الكويتية التي كان يتهمها الكثير من النقاد العرب بأنها بيئة جدباء لا تمنح كاتبها الخصوبة الكافية للإبداع. من تلك البيئة الفقيرة أدبيا، في رأيهم، استطاعت ليلى العثمان أن تعيد هيكلة الماضي وتستنطق بيوت الطين، وتمنح الحياة الأدبية لشخوصها وللمرأة تحديدا في مجتمعها. وكانت ليلى شديدة الإخلاص لهذا الإرث الذي غمرته فجأة ثورة النفط والثروة وأخلت ببنائه الأفقي.

ليلى العثمان التي تذكرها الوطن فجأة لم تكن غائبة عن الحقل الأدبي، وكانت دائما تحمل وطنها في رحلاتها الأدبية، وتتذكر أبناء وطنها في محاضراتها عن أدب الوطن. ورغم كل ذلك رأيت في عينيها فرحا لحصولها على جائزة التقدير، وكأنها تقول أخيرا تذكرني وطني ليقدرني. لا بأس!

سنقول للأخوة في المجلس الوطني شكرا لمنح ليلى الجائزة التقديرية، وهي ليست تكريما لليلى فقط بل لنا جميعا ممن عاصروها وتعلّم منها الإصرار على التعلّم، ونقول لكم لا تنتظروا طويلا حتى تكرموا من يستحق التكريم.