شعور المصريين بأن دولتهم باتت في خطر، بعد "اندلاق" الإسلاميين على مواقع المسؤولية وتزاحمهم على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، هو الذي دفعهم ليروا في عمر سليمان مخلصاً لديه القدرة على إنقاذ مصر مما بقيت تغرق فيه على مدى عامٍ كاملٍ، وهذا ينطبق أيضاً وإن كان في حدود أقل على عمرو موسى والفريق أحمد شفيق، وبالطبع فإن المعروف أن هؤلاء الثلاثة جميعهم من رموز النظام "البائد"، الذي تفجرت انتفاضة الخامس والعشرين من يناير قبل أكثر من عام من أجل القضاء عليه. لقد وعد الإخوان المسلمون الشعب المصري بعدم خوض معركة انتخابات الرئاسة، لكنهم ما لبثوا أن نكثوا بما كانوا وعدوا به، واندفعوا للسيطرة على مواقع السلطة في البلاد، مجلس الشعب ورئاسته، ومجلس الشورى ورئاسته، ولجنة وضع الدستور ورئاستها، ورئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، وهذا أشعر المصريين أنهم قاموا بكل ما قاموا به وقدموا كل هذه التضحيات الهائلة والعظيمة من أجل استبدال هيمنة حزب علماني أو مدني بهيمنة حزب إسلامي، وفي هيئة انقلاب سلمي إقصائي حتى للإسلاميين من تنظيم الجماعة السلفية. وحتى قبل هذا، فإن المصريين، ليس كلهم ولكن بنسبة كبيرة، كانوا قد شعروا بعد فوز الإخوان المسلمين بانتخابات مجلس الشعب ومجلس الشورى بأن هؤلاء قد "سرقوا" ثورتهم منهم، وأنهم لم يذهبوا إلى ميدان التحرير والمشاركة في هذه الثورة إلا بعد التأكد من نجاحها، والتأكد من أن دخول القوات المسلحة على الخط قد ضمن التخلص من حسني مبارك ونظامه، ورجّح كفة "الثائرين" الذين ما كان بالإمكان أن يُسقطوا هذا النظام لولا هذا التدخل الذي جاء في هيئة انقلاب عسكري في اللحظة الحاسمة. ولذلك فإن المصريين قد أحسّوا، خصوصاً في الفترة الأخيرة، بأن الإخوان المسلمين بقوا ينأون بأنفسهم عن ميدان التحرير وثورته إلى أن حسمت القوات المسلحة الأمور، وأنهم قد اندفعوا إلى أحضان المجلس العسكري الأعلى وتحالفوا في البدايات مع المشير حسين طنطاوي وجنرالاته، كما كانوا فعلوا بعد ثورة عام 1954، وأنهم قد "تمسكنوا" إلى أن تمكنوا فباتوا يمارسون ويتصرفون على أساس أن هذه الثورة ثورتهم، وأنهم الأحق من غيرهم بقطف كل ثمارها من رئاسة الجمهورية، إلى رئاسة الوزراء، إلى مجلس الشعب ورئاسته، إلى مجلس الشورى ورئاسته، إلى لجنة وضع الدستور ورئاستها، وقد أرفقوا كل هذا بمناوشات مع "العسكريين"، من بينها الضغط والاستمرار في الضغط لإسقاط حكومة الجنزوري كما أسقطوا الحكومة التي سبقتها. لقد أشعر هذا كله الشعب المصري بأغلبيته بأن دولته باتت في خطر، وأن كل هذه الفوضى العارمة التي رافقت "اندلاق" الإسلاميين، (الإخوان والسلفيين)، على الحكم سوف تأخذ البلاد إلى الانهيار، إن لم يبرز المنقذ المخلص في هذا الوقت بالذات، ولذلك كان كل هذا الترحيب بترشح عمر سليمان لمنصب رئيس الجمهورية، وكذلك الأمر بالنسبة لعمرو موسى.
Ad