الأفضل، بالنسبة لمجموعة الاتصال المقترحة المتعلقة بالأزمة السورية، إذا كان لابد من تمثيل إيران، أن يجري تمثيل بشار الأسد نفسه، وأيضاً تمثيل "حزب الله" وائتلاف دولة القانون لصاحبه نوري المالكي، وذلك كي تكتمل هذه الحلقة طالما أن روسيا تصر على المشاركة الإيرانية في هذه المجموعة، التي من المفترض أن تضم خمس عشرة دولة من بينها الصين، والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وتركيا، وبعض الدول العربية.

Ad

وحقيقة أن الذين يرفضون مشاركة إيران في هذه اللجنة ويعتبرون مشاركتها كمشاركة نظام الرئيس بشار الأسد نفسه معهم كل الحق، فدولة الولي الفقيه متورطة منذ اليوم الأول في الوقوف إلى جانب هذا النظام ضد شعبه بالمال والسلاح وبالمقاتلين وبالخبراء والمخبرين والمخابرات، ولهذا فإنه غير معقول أن تكون هناك مثل هذه المشاركة، وإلا فإنه من الأفضل أن تَعقِد هذه اللجنة اجتماعاتها إما في طهران أو في دمشق، وأن تقتصر على أطراف كذبة "الممانعة والمقاومة"، بالإضافة إلى دولة "الرفيق فلاديمير بوتين" والصين التي لا يُفهَم كيف تورط نفسها في هذا الاصطفاف إلى جانب نظام بائس لا يشبهه إلا نظام كوريا الشمالية.

لا ضرورة أن تكون هناك لجنة اتصال حقيقية كالتي شُكلت لمعالجة أزمة البلقان وقضيتي البوسنة وكوسوفو، إذا كان لابد من تمثيل إيران المتورطة في الأزمة السورية حتى ذقنها، وإنه من الأفضل في هذه الحالة أن تكون هذه اللجنة لأصدقاء بشار الأسد ونظامه، وأن تَعقد اجتماعاتها إن لم تكن في دمشق ففي طهران أو في دويلة "حزب الله" في ضاحية بيروت الجنوبية، وهنا فإنه ليس ضرورياً بالنسبة لهذا الاقتراح الأخير أن يُستَأْذَن لا رئيس الجمهورية اللبنانية ولا رئيس وزرائه.

إنها مسألة معقدة، والمعادلة التي تُصرّ عليها روسيا لا تشبهها إلا معادلة: "الجمل والهر" في تلك الحكاية المعروفة، إذْ من غير الممكن أن تقبل الأطراف العربية من خلال "الجامعة" أو من خارجها أن تلعب إيران دور "الخصم والحكم" في وقت واحد، كما أنه لا يمكن أن تقبل لا الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية المعنية بهذا الاقتراح الروسي التعجيزي، اللهم إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق مسبق من خلال الاتصالات الجانبية على رحيل الأسد وكل نظامه بعد فترة انتقالية بإشراف الأمم المتحدة، لتجري بعد ذلك وعلى الفور انتخابات تشريعية ورئاسية يقرر فيها الشعب السوري مستقبل بلده بنفسه.

والمثير للاستغراب أن كوفي أنان، الذي ساعد الروس على اقتراح لجنة الاتصال هذه، وعلى مشاركة إيران فيها، يحاول الآن البحث عن صيغ "ترقيعية" لتمرير هذا الاقتراح البائس من بينها عدم مشاركة إيران والمملكة العربية السعودية، وهذا عربياً يجب أن يكون مرفوضاً بصورة مطلقة وبلا أي نقاش، ومن بينها أيضاً اقتصار المشاركة في هذه اللجنة على الدول المجاورة لسورية، أي تركيا والعراق والأردن ولبنان... والمفترض إذا كانت هناك جدية في مثل هذا الطرح أن تضاف إلى هؤلاء أيضاً السلطة الوطنية الفلسطينية.

إن كل ما تريده روسيا بإضافة إيران إلى مجموعة الاتصال المقترحة هذه هو إيجاد معادلة شرق أوسطية جديدة، وإدخال دولة الولي الفقيه، التي لم يعد هناك شك في أنها تسعى إلى الهيمنة على هذه المنطقة في هذه المعادلة، وهو أيضاً التلاعب بهذا المأزق الخطير الذي تمر به سورية لانتشال نظام بشار الأسد من مصير بات مؤكداً ومحسوماً، وهذا لا يمكن أن يقبله الشعب السوري حتى إن قبل به بعض اللاعبين الرئيسيين من الخارج!