مسيلمة... جوبلز... أبولمعة... شفيق
لم يعد السكوت ممكناً، ولم يعد الصمت فضيلة، ولم يعد الامتناع عن الرد أدباً، فحملة الأكاذيب والأراجيف التي يطلقها الفريق شفيق ومؤيدوه تعدت كل الحدود والأعراف السياسية، بل تخطت الآداب العامة واستمرأت الكذب والخداع وصارت نموذجاً للغش والتدليس. ويتم ذلك بمساندة كتّاب وإعلاميين من داخل مصر وخارجها خصوصا في الخليج ممن ارتبطوا بعلاقة (عاطفية أو غيرها) مع مبارك ونظامه. ولو أن هؤلاء جميعاً اتصفوا بالشجاعة والتزموا الصراحة لما لامهم أحد، وقالوا نعم نريد شفيق، نعم نريد نظام مبارك، نعم نحن ضد الثورة، ضد أحلام المصريين وآمالهم، لا نهتم بأرواح الشهداء ودماء المصابين، فنحن مرتبطون بمبارك ونظام حكمه ومجلسه العسكري ورئيس وزرائه الذي عينه قبل خلعه.
لو قالوا ذلك صراحة ما عاتبهم أحد، فحرية الاختيار حق للجميع وربما يحترمهم البعض، أما الغش والخداع وتبرير موقفهم بحديث الإفك فقد أفقدهم الاحترام كما أفقدهم التعاطف قبله، فيا من تؤيدون شفيق القليل من الشجاعة والصراحة. الأكذوبة الأولى: (شفيق مرشح الدولة المدنية)، لا أدري أي تعريف سياسي أو اصطلاحي اعتمد عليه هؤلاء؟ فالدولة المدنية هي الدولة التي يرأسها مدني ويحكمها نظام مدني لا وجود للعسكر فيه، وفي مقابلها الدولة العسكرية، فإن كان الرئيس عسكرياً ويصرح «الجيش هو الوصي على الشرعية الدستورية»، فأي مدنية تلك التي تتحدثون عنها؟ وهل تم تجريد الفريق من رتبته العسكرية؟ الأكذوبة الثانية: (الدولة المدنية مقابل الدولة الدينية)، افتراء آخر بلا أساس، فكما قلنا الدولة المدنية مقابلها العسكرية، أما الدولة الدينية فمقابلها الدولة اللادينية- ومع بعض التجاوز- يمكن القول العلمانية أو الدنيوية. والدولة الدينية هي تلك التي يحكمها رجال دين بمناصبهم ومواقعهم الدينية ويحكمون باسم الدين، ولا توجد دولة دينية بهذا المفهوم في العالم كله سوى «الفاتيكان» و«إيران»، بل إن السعودية ذاتها لا تعتبر دولة دينية، فملكها لا يعتمد على منصب ديني أو شرعي لتولي الحكم، وكذلك أفغانستان (رغم بعض القوانين التي تعتمد على الشريعة)، وهذه حال الكثير من الدول، فهل كل هذه الدول دينية؟ بهذا المفهوم تكون جميع دول العالم الإسلامي دينية!! الأكذوبة الثالثة: (التشبث بالحكم)، يقولون إذا تولى الإخوان الحكم فلن يتركوه، والرد ببساطة شديدة أن الإخوان لم يتولوا الحكم من قبل ولا ندري ماذا يكون منهم؟ هناك احتمال فعلا أن يتشبثوا به وهناك احتمال آخر ألا يفعلوا- لسبب أو لآخر- ولكن نظام مبارك تولى الحكم فعلاً سابقاً وتمسك به، وفي سبيل ذلك ارتكب من الآثام والجرائم ما يعلمه الجميع، وعندما خرج ذليلاً بثورة شعبية يحاول العودة مرة أخرى، فبالله عليكم من أكثر تمسكاً بالسلطة وتشبثاً بها الإخوان أم نظام مبارك؟!الأكذوبة الرابعة: (شفيق ممثل الثورة)، هذه الفرية لا تحتاج إلى أدلة أو براهين لنفيها، فما فعله الفريق شفيق خلال شهر واحد من رئاسته للوزارة يشهد عليه، فقد بدأه «بموقعة الجمل»، وأوسطه «بحديث البونبون»، وأنهاه «بإتلاف الأدلة»... حقاً هو ابن للثورة ورمز لها!! الأكذوبة الخامسة: (نزاهة مبارك)، يتحدثون أن القاضي برّأ مبارك من تهم الفساد، مما يُعد دليلاً على نزاهته ونظافة يده! هل يصل الغش إلى هذا الحد؟ إن ألف باء القانون هو قراءة حيثيات الحكم قبل التعليق عليه فماذا قال القاضي؟ قال إنه لم ينظر القضية أصلاً، لأنها سقطت بالتقادم، ولم يقل إن مبارك بريء أو إنه لم يستغل نفوذه ولم يفسد في الأرض... لم يقل كل هذا فكيف تحول ذلك إلى حكم بالبراءة؟ ولا تنسوا أنه مازال هناك الكثير من قضايا الفساد، فالطريق مازال طويلاً، فهل يعقل أن فساد وإفساد 30 عاماً يمكن اختصاره في «فيلتين» في شرم؟! كذب وخداع وغش يقوم به شفيق يبدو معه «مسيلمة» صادقاً شريفاً، و»جوبلز» تلميذاً فاشلاً، و«أبولمعة» ممثلاً تراجيدياً، ورغم ذلك مازال البعض يحلم «بشفيق» رئيساً! ولكن سينتهي الحلم ويفيق الجميع «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» صدق الله العظيم.