وكأن «أبو اللطف» فقد الذاكرة!

نشر في 03-11-2012
آخر تحديث 03-11-2012 | 00:01
 صالح القلاب قد يظن "الأخ" فاروق القدومي "أبو اللطف"، وبعض الظن إثم، أن الأردن سيهرع هاشاً وباشاً لالتقاط تصريحه الذي دعا فيه إلى عودة الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، والذي قال فيه مشترطاً: "لكن بشكل آخر كما سبق أن حددناها، أي كونفدرالية أو فدرالية... ونعتقد أنه إذا كان بالإمكان للأردن أن يعيد هذه الأرض فلن يكون ذلك إلا شيئاً إيجابياً... لكن لا بد من الحرص كل الحرص حتى لا تكون هناك مكائد على ما تبقى من هذه الأرض الفلسطينية، وأن نحافظ على حقوق شعبنا بالعودة... فنحن ثرنا من أجل فلسطين كل فلسطين لذلك يجب أن نكون حذرين كل الحذر!".

يبدو أن الأخ "أبو اللطف" قد أصابه ما أصاب أهل الكهف الذين بادروا بعد نومتهم الطويلة، التي تغيرت خلالها الأحوال واستجدَّت أُمم وزالت أُمم أخرى، إلى محاولة استخدام عملتهم القديمة، فالضفة الغربية أُنهيَت علاقتها بالأردن، ليس باتفاقيات أوسلو ولا بقيام السلطة الوطنية ولا بفك الارتباط عام 1988، وإنما بقرار قمة الرباط العربية في عام 1974 الذي ينص على أن: "منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

كان "الأخ" أبو اللطف أحد القادة الفلسطينيين الذين حضروا قمة الجزائر التي سبقت قمة الرباط بشهور قليلة، ولهذا فإن من المفترض أنه يتذكر إذا كانت الذاكرة لاتزال تسعفه كيف أن نمر صالح (أبو صالح) قد هدد في اجتماع مع هواري بومدين بأنه سوف يستخدم مسدسه إذا لم يوافق الأردنيون، وكان يومها بهجت التلهوني، رحمه الله، هو الذي يترأس الوفد الأردني إلى هذه القمة، على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والمعروف أن المقصود بهذا القرار الذي اتخذته قمة الرباط المشار إليها آنفاً هو الأردن وليس غير الأردن.

الآن، وبعد كل هذه السنوات الطويلة، وبعدما تم تكريس منظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني كله، في الداخل وفي الخارج وفي كل مكان، وأيضاً بعد أوسلو وكل القرارات الدولية المتعلقة بهذه الاتفاقيات، وبعد ظهور السلطة الوطنية كدولة للشعب الفلسطيني فإنه لا مجال إطلاقاً لمصادرة حق الشعب الفلسطيني في أن يقرر مصيره بنفسه وأن يقيم دولته المستقلة التي يستحقها بعد كل التضحيات وكل هذه الويلات والتشريد والشتات، كما أنه لا مجال إطلاقاً للحديث لا عن كونفدرالية ولا فدرالية بين الأردن وفلسطين، إلا بعد قيام هذه الدولة التي باتت تعترف بها معظم دول الكرة الأرضية.

لا يحق لـ"الأخ أبو اللطف" ولا غيره أن يقرر نيابة عن الفلسطينيين وعن الأردنيين عودة الضفة الغربية إلى الأردن، لا بشروط ولا بغير شروط، فمسألة الدولة الفلسطينية غدت محسومة، وإنْ كان قيامها يحتاج إلى صبرٍ كصبر أيوب، وإلى تضحيات ربما أكثر من كل التضحيات السابقة، ولعل الأستاذ فاروق القدومي لايزال يذكر أنَّ كل الدول العربية كانت ضد الوحدة الأردنية-الفلسطينية، وأن دولتين فقط في العالم بأسره قد اعترفتا بهذه الوحدة هما باكستان والمملكة البريطانية.

back to top