الأغلبية الصامتة: وزن السبعة بسبعة آلاف

نشر في 11-10-2012
آخر تحديث 11-10-2012 | 00:01
لغة الحوار لا تتعطل بين محترفي السياسة وأصحاب النفس الطويل، وهي مع العقلاء فن وأدب ومع الجهلاء والطارئين حماقة وندم، وفي أزمات متلاحقة كالتي نعيشها منذ سنوات عدة نحن أحوج ما نكون إلى الخطاب المرن الذي يفتح الطريق ولا يغلقه، وإلى الكلمة المدروسة التي تصيب الهدف ولا تدمر معه فئة أو طائفة كاملة.
 إبراهيم المليفي الخبر الذي احتل صدر معظم الصحف المحلية أمس بما فيها "عالم اليوم" هو استقبال سمو أمير البلاد سبعة من النواب السابقين هم عبدالله النيباري ومشاري العنجري ومحمد الصقر وعبدالله الرومي ومشاري العصيمي وعبدالوهاب الهارون وفيصل الشايع، وقد نقل "الوفد السباعي" تمنياته بالإبقاء على نظام التصويت الحالي وعدم تقليص أصوات الناخبين من أربعة إلى صوت واحد خوفاً من تفاقم الأزمة السياسية.

تلك المبادرة السياسية الهادئة، وفي هذا الوقت الحرج جداً، يمكن أن نستخلص منها رسائل مهمة عدة أولاها، أن توصيل المطالب إلى القيادة السياسية يمكن أن يتم بطرق عدة، وليس بأسلوب واحد ولهجة واحدة، علما أن معظم أعضاء الوفد السباعي أعلنوا مسبقاً وبشكل علني وصريح رفضهم للصوت الواحد وتعديل نظام التصويت خارج مجلس الأمة، لكن رصيدهم من الرشد وتراكم خبراتهم في الممارسة السياسية أوجد التوازن والمعادلة بين "أسلوب" خطابهم الجماهيري وعدم تدمير كل جسور التواصل مع الأطراف كافة.

الرسالة الثانية، وهي جداً عميقة، أن العدد لا يعني بالضرورة "عنصر الحسم" في كل مواجهة سياسية، خصوصاً أن ميزان القوة يميل الآن صوب الحكومة التي تحررت من قيد مجلس الأمة وقيد "ساحة الإرادة" التي انطفأ بريقها بعد أن استهلكت بالتكرار والخطاب الإقصائي. إذن ما العمل؟ وكيف نكسر قواعد اللعبة ونقطع الطريق على مَن يريدون تصفية حساباتهم الشخصية والعنصرية على حساب نظامنا الديمقراطي بأكمله؟ أحد الحلول وليس هو الحل الوحيد، استعمال الوزن السياسي الثقيل والمصداقية العالية لبعض الشخصيات البارزة في إعادة التوازن إلى المشهد السياسي ومن أماكن عدة مختلفة.

 هذه الطريقة لها تأثير فعال في مجتمع يقدس العلاقات الاجتماعية كالكويت، ومن يدري ربما يوازي وزن الأنفار السبعة وزن سبعة آلاف نفر، المهم أن الهدف يتحقق وهو الدوائر الخمس بأربعة أصوات في أسرع وقت وبأقل الخسائر.

الرسالة الثالثة، وهذه في رأيي موجهة إلى معسكر "إن لم تكن معنا فأنت ضدنا حتى لو كان رأيك مثل رأينا"، والإضافة الأخيرة على المقولة الشهيرة ليست من عندي، ولكنها من صنع المعارضة الجديدة التي لا تكتفي بالمواقف المعلنة التي تخدم مواقفها، ولكنها تريد "تخضيع" الجميع تحت لوائها، تلك الرسالة ملخصها أن المعارضة ليست حكراً على أحد والساحة السياسية مفتوحة الأبواب على مدار الساعة، ولكل منّا رأيه وأسلوبه الخاص بلا تخوين أو تهويل، وكما قال حكيمهم النائب السابق خالد السلطان لصحيفة "الوطن" يوم الأحد الماضي 7 أكتوبر 2012، وهو يهاجم من أسماهم ورثة كتلة العمل الوطني "من منعكم من قيادة الحملة الوطنية للإصلاح ومحاربة الفساد... هذا الميدان يا حميدان"، وفعلا "هذا الميدان يا حميدان"، نحن كتيار وطني ديمقراطي نعمل في ميداننا، وخالد السلطان وحسن البنا وجان جاك روسو وتشي غيفارا يعملون في ميادينهم.

في الختام لغة الحوار لا تتعطل بين محترفي السياسة وأصحاب النفس الطويل، وهي مع العقلاء فن وأدب ومع الجهلاء والطارئين حماقة وندم، وفي أزمات متلاحقة كالتي نعيشها منذ سنوات عدة نحن أحوج ما نكون إلى الخطاب المرن الذي يفتح الطريق ولا يغلقه، وإلى الكلمة المدروسة التي تصيب الهدف ولا تدمر معه فئة أو طائفة كاملة.

back to top