«ساندي» لا يغمر أميركا بالمياه فحسب بل يحسم الانتخابات أيضاً
يفرض على أوباما ورومني تغيير خطابيهما الاقتصاديين... وقد يعيد سيناريو 2008
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو، هل يستطيع أوباما التعامل مع إعصار ساندي الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وقد يحسم، بشكل أو بآخر، معركة الرئاسة، أم أن رومني قد يتمكن من إيجاد تفسير مُقنع بشأن رغبته في تقليص ميزانية وكالة الإغاثة والطوارئ المسؤولة عن التعامل مع الأزمة، ويعيد سيناريو 2008؟لا تقتصر آثار إعصار "ساندي" على الخسائر الاقتصادية التي قدرت، حتى الآن، بنحو 20 مليار دولار، أو حتى غمر بلدات واحياء باكملها في ولايتي نيوجيرزي ونيويورك تحت مياهه، إنما قد يفرض الإعصار على مرشحي الانتخابات الرئاسية الأميركية تغيير خطابيهما الاقتصاديين بما يتناسب مع معطيات الأزمة، وإلا فسيكون لـ"ساندي" دور رئيس في حسم السباق الحالي نحو البيت الأبيض كما كان لـ"كاترينا" دور في السابق.فقبل سبع سنوات كان اعصار كاترينا الذي ضرب نيو اورلينز عام 2005 من بين العوامل التي حسمت عام 2008 معركة الرئاسة الاميركية لصالح باراك اوباما على حساب الجمهوريين، وذلك بعد فشل الرئيس السابق جورج بوش في تعامله مع الكارثة الطبيعية. والسؤال المطروح اليوم، هل يستفيد كل من باراك أوباما وميت رومني من درس التعامل السيئ لجورج بوش الابن مع كارثة "كاترينا"، والذي فقد كثيرا من مؤيديه بسبب تأخره في التعامل مع الكارثة والتعاطف الضعيف الذي أظهره للمنكوبين.الأمر بالنسبة الى رومني، يسير إلى حد ما، إذ عليه فقط أن يفسر للناخب الأميركي سبب رغبته في تقليص ميزانية وكالة الاغاثة والطوارئ والمسؤولة عن التعامل مع العاصفة، وهو نفس المطلب الذي طرحه المستشار السياسي الديمقراطي بيتر فين، والتي انتقدها زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد قائلاً: "إن رومني ليس رئيسا، ولو كان رئيسا لكانت خططه لميزانية البلاد سمحت بمواجهة الاضرار التي خلفها الاعصار اسحق واغاثة الضحايا". وانتقد ريد برنامج بول راين مرشح رومني لمنصب نائب الرئيس المتعلق بالميزانية والذي ينص على تخفيض حاد في المساعدات المخصصة للكوارث الطبيعية، واصفاً موقف المرشح الجمهوري الرامي مبدئيا الى "التعبير عن التعاطف" بانه "ذروة الخبث".أما أوباما الذي خلع حلة المرشح ليرتدي بزة الرئيس منذ بداية ظهور خطر "ساندي" ويؤكد صورة القائد الممسك بزمام الأمور فعليه ان يمسك زمام الامور ويبدو في المقدمة وليس كما كان بوش اثناء اعصار كاترينا، فقد ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن إعصار ساندي المدمر، الذي ضرب السواحل الشمالية الشرقية للولايات المتحدة وخلف دمارا واسعا في عدد من الولايات ، وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام اختبار لإدارة الأزمات قد يعني فشله فيه خسارته لمنصبه، خاصة أن الكارثة وقعت قبل انطلاق عملية التصويت في انتخابات الرئاسة الأميركية بأسبوع واحد.وقالت المجلة، في تقرير نشرته وبثته امس على موقعها على شبكة الإنترنت، إن كارثة الإعصار فرضت على أوباما أن يلعب دور "مدير الأزمات"، وهو الدور الذي حاول أوباما أن يظهر مهاراته فيه، وأن يبرهن للأميركيين قدرته على إدارة البلاد في مواجهة هذه الأزمة حتى قبل أن يبدأ الإعصار في ضرب السواحل الأميركية.وأشارت المجلة في هذا السياق إلى الكلمة التي ألقاها الرئيس الأميركي يوم الاثنين قبل ساعات قليلة من وصول الإعصار، حيث أوضح لشعبه أنه تحدث مع جميع حكام الولايات في شمال شرق البلاد، كما تواصل مع الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، وحث الجميع على أن يبقوا في حالة تأهب مستمر، كما عمل على طمأنة المواطنين بالتأكيد على وجود ما يكفي من مخزون الأغذية ومياه الشرب، وقدرة البلاد على مواجهة الأزمة، ثم اختتم كلمته بالقول إن "الأميركيين يتكاتفون سويا في أوقات الأزمات".ونقلت المجلة في هذا الصدد عن بعض المحللين قولهم إن الإعصار وضع أوباما أمام اختبار كيفية التعامل مع ما خلفه من دمار، وهو الاختبار الذي سيقلل كثيرا من شأن مناظرة دينيفر، التي خسرها أوباما مرشح الحزب الديموقراطي أمام منافسه الجمهوري ميت رومني على نحو أعطى دفعة قوية للأخير في الانتخابات الرئاسية.وأضافت المجلة الألمانية أن نجاح أوباما في البقاء أربعة أعوام جديدة في البيت الأبيض مشروط بتفاديه لحالة الضعف والوهن التي ظهر عليها سلفه جورج بوش مع وقوع كارثة إعصار كاترينا عام 2005، وأوضحت أن أوباما، الذي ألقى باللوم على سلفه لفشله في التعامل مع أزمة كاترينا، يتوجب عليه الآن أن يتجنب هذا الفشل مع الأزمة الحالية لافتة إلى أنه في حالة نجاح أوباما على هذا الصعيد، فإن كارثة ساندي ستقوده، بلا شك، لتحقيق الفوز في انتخابات الأسبوع المقبل.واختتمت مجلة "دير شبيجل" الألمانية تقريرها بالإشارة إلى أنها لحظة بدء العمل بالنسبة لأوباما وفريقه ، فبقدر ما سيقدمه الرئيس الأمريكي من رعاية للمتضررين وبقدر توفير ما يكفي من الأغذية ، وبقدر سرعة عودة الكهرباء للمواطنين، سيتحدد مدى نجاح أوباما في إدارته للأزمة ، ومن ثم امكانية نجاحه في البقاء رئيسا للولايات المتحدة.أما السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن فهو، هل اوباما ذاته الذي استفاد، إذا جاز التعبير، من اعصار كاترينا للوصول الى البيت الابيض، قادر اليوم على التعامل مع اعصار ساندي الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة وقد يحسم، بشكل او بآخر، معركة الرئاسة، وهي المعركة التي لم تُحسم حتى الان، لا في المناظرات التلفزيونية ولا في استطلاعات الرأي العام. أم أن رومني قد يتمكن من إيجاد تفسير مُقنع بشأن رغبته في تقليص ميزانية وكالة الاغاثة والطوارئ المسؤولة عن التعامل مع الأزمة، ويعيد سيناريو 2008 حين استفاد أوباما من فشل جورج بوش الابن في التعامل مع أزمة "كاترينا"؟