كعادة البيروقراطيين وأصحاب الأيدي المرتعشة، تذكر وزير الثقافة المصري د. محمد صابر عرب، بعد خراب مالطة، أنه مُطالب بالرد على الحملات التي استهدفت مواقفه الأخيرة، وفضحت قراراته غير المفهومة، وانبرى مدافعاً عن نفسه في وجه الاتهامات التي طاولته.

Ad

فعلى غير توقع أصدرت الإدارة العامة للإعلام بياناً رسمياً تصدره {شعار النسر} وعبارة {مكتب الوزير}، وكأنها محاولة لإرهاب كل من تسول له نفسه الاقتراب من {الوزير} وقراراته، وأكد البيان أن {حالة من حالات الهجوم والنقد تعرض لها وزير الثقافة منذ الإعلان عن قراره بتولي وزارة الثقافة الإشراف على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي}، مبرراً قراره بأنه {إنقاذ للمهرجان الذي كاد يتعرض لأزمة كبيرة، في حال تنفيذ الاتحاد الدولي للمنتجين بسحب صفة الدولية من المهرجان إذا لم تنظمه مصر هذا العام، بعدما ألغي في العام الماضي بسبب عدم الاستقرار الأمني بعد الثورة}.

اعترف الوزير بأن قراره بتولي الوزارة الإشراف على المهرجان {فتح عليه نيران النقد من الذين اتهموه بالاستيلاء على المهرجان}، لكنه أراد أن {يركب الموجة}، ويجعل من نفسه مناضلاً وشهيداً عندما زعم أن ثمة من اتهمه بأنه يريد {أخونة وزارة الثقافة} بينما الحقيقة أننا اتهمناه بأنه {يريد دفع المثقفين والفنانين والمبدعين إلى الترحم على {العهد البائد}(!) كما استهدف إحداث وقيعة بين السينمائيين والمثقفين والمبدعين وبين جماعة {الإخوان المسلمين} بإيهام الفصيل الأول بأنه ينفذ {خطة إخوانية} لتكبيل الإبداع وتقييده، وتحريم الفن، وبدء تنفيذ المخطط بإلغاء المهرجانات السينمائية، وتعطيل الفعاليات الثقافية، بينما هو في الواقع يسعى جاهداً إلى إعادة العجلة إلى الوراء}.

وواصل البيان أن {وزير الثقافة كان لا بد من أن يرد بعدما زادت الحملات على رغم أنه يركز بشكل دائم في إقامة هذا الحدث الكبير (يقصد مهرجان القاهرة السينمائي) بما هو متاح من إمكانات مادية}، وأنه {يتقبل  بصدر رحب كل هجوم يتعرض له، لكنه لم يتخذ قرار عودة وزارة الثقافة للإشراف على مهرجان القاهرة ليتولى رئاسته أو لديه مصلحة، لكنه يرغب في الحفاظ على هيبة مصر، والمهرجان صاحب الثقل الثقافي الكبير}.

مجدداً، وقع البيان في مغالطة فادحة عندما ادعى أن {الوزير} اجتمع مع عدد كبير من السينمائيين، وتشاور معهم حول الطريقة المثلى لإنقاذ المهرجان، واتفقوا على ضرورة إقامة المهرجان بتولي الوزارة الإشراف عليه}، لكنه لم يُشر إلى أن أحداً لم يبد مطلقاً ترحيباً بعودة {الحرس القديم}، ممن أطلق عليهم لاحقاً {خبرات وطنية}، وكان يقصد عزت أبو عوف وسهير عبد القادر، لأنه اتخذ فعلاً قراراً منفرداً، على عكس ما زعم في البيان. أما قوله بأنه {ليس لديه مانع من مقابلة أي شخصية سينمائية تريد أن تنقذ المهرجان، الذي لن يتم إنقاذه بالكلام فقط بل بالتعاون والتكاتف}، حسب عباراته، فهي دعابة ثقيلة الظل من وزير لا يعي خطورة القرار الذي اتخذه، ويحاول تدارك الأمر بعد {خراب مالطة}، فأي {مقابلة} يعنيها؟ وأي شخصية تلك التي ينتظر منها أن تنقذ المهرجان؟

لقد ادعى الوزير في بيانه {البائس} أنه {يدعو كل مخلص إلى الوقوف وراء المهرجان وليس هدمه لأجل مصالح شخصية} وليته وجه الدعوة إلى نفسه؛ فهو أول من يعلم أنه لم يُنصت إلى نصائح {المخلصين}، وارتمى في أحضان {أصحاب المصالح الشخصية}، من الساعين إلى تصفية حسابات قديمة، والمستفيدين من {الحرس القديم}. ليس من مصلحة الوزير أن يخلط الأوراق أو يرتدي مسوح الحملان بالادعاء أنه {يبذل قصارى جهده لتوفير الأموال لصالح المهرجان، وأنه على استعداد للاتصال بالوزارات والهيئات لتوفير الدعم المالي المطلوب}، ويكرر أنه {لا يبحث عن مجد شخصي بل يهمه أن يدير الوزارة بشكل يرضي المثقفين والشارع}؛ فإرضاؤهما لن يتأتى من دون التراجع عن القرار الخاطئ بإعادة {الحرس القديم} إلى مواقعهم ومقاعدهم؛ خصوصاً أن تصويب القرار وتصحيح المسار لا يتطلبان منه سوى {تكليف} الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله، وعدد من الرجال الذين يثق بهم، ويرتاح للعمل معهم، بإدارة الدورة المقبلة، والإطاحة بالثنائي {أبو عوف} و}عبد القادر}، والتحقيق مع الأخيرة في تجاوزاتها، من دون خوف من ضغوط وهمية أو استجابة لشخصيات تعاني الشيخوخة، وتبحث لنفسها عن دور على الساحة السينمائية والفنية.

{الرجوع إلى الحق فضيلة}... يا وزير الثقافة المصري، مهرجان القاهرة السينمائي لا بد من أن يعود إلى من ضحى بالوقت والمال للارتقاء به والنهوض بشأنه. أما أولئك الذين استفادوا من خيراته، وأساؤوا كثيراً إلى وضعيته ومكانته، وكافأتهم بالعودة إلى احتلاله وإفساده، فلن يُجدي معهم بيان... وستظل في فوهة المدفع إلى أن تُسقطك إحدى داناته.