اعتاد أمراء الطوائف وزعماء الكتل والأحزاب السياسية العراقية في خضم انشغالهم بالصراع على السلطة أن يوجهوا انتقادات لاذعة بعضهم بعضا- سواء عن طريقهم المباشر أو بواسطة وكلائهم المعتمدين- تصل في كثير من الأحيان إلى حد القذف والتشهير مثل؛ العميل، الطائفي، الإرهابي، الفاسد، الانفصالي، الانقلابي وغيرها من الشتائم والإهانات التي يعاقب عليها القانون.

Ad

فقد دأبوا على نشر غسيلهم القذر على صفحات الصحف والمواقع الاجتماعية والقنوات الفضائية منذ أن شغلوا مناصب متقدمة في الدولة الجديدة، حتى باتت أخبارهم تتناقلها الألسن بتفاصيلها المملة كنجوم السينما، ومن هذه الأخبار أن فلانا السياسي كان متسكعاً في شوارع بعض العواصم العربية يبيع السجائر والمسابيح قبل أن يصبح متمكناً في الدولة! وأن المسؤول العلاني أيضاً "طلع" أمه غير عراقية ولا يجوز له أن يترشح لمنصب سيادي كبير، والآخر تبين أن أصله شركسياً أو مهابادياً أو يهودياً، أو غيرها من الإساءات الشخصية السخيفة والتشهير المعيب التي تستهدف الحط من مكانة الخصم وإبعاده عن المنافسة السياسية.

وإذا سألت أي واحد من هؤلاء لم توجه إلى غريمك كل هذه الانتقادات الجارحة، فقد فضحت الرجل، يجيبك بكل برود:

"على المستوى الشخصي ليس لدي أي مشكلة معه، فهو صديقي الصدوق ورفيق درب واحد ضد النظام الدكتاتوري السابق ومازلت أكن له كل حب واحترام!... فانتقاداتي لا توجه لشخصه الذي احترمه بل لنهجه المخرب وأفكاره العنصرية وطريقته البائسة في إدارة الدولة"!

العراق الجديد ابتلي بهكذا نوعية من السياسيين "الانتهازيين" الذين لا يتورعون عن تبادل أخطر التهم وأشنع الشتائم من أجل مصلحتهم الخاصة، والوصول إلى أهدافهم بأي طريقة مهما كانت منحطة وغير شريفة، والعجيب أن كل واحد منهم يرى أنه على الحق المبين، وأن خصمه على باطل، بالضبط كما كان يفعل الساسة البعثيون، لم يزيدوا عنهم شبراً ولم يتقدموا عنهم خطوةً... مسكين العراق يظل يدفع ثمن حماقة بعض أبنائه الضالين من أمنه وراحته.

* كاتب عراقي