لم يكن خطاب الرئيس السوري الأخير مخيباً للآمال على الإطلاق فهو مازال يدور حول المتوقع من أنظمة "فهمتكم" و"من أنتم"، فلا أمل لمثل هذا النظام أن يستمر حتى لو تواطأت وطاويط الأرض على إبقائه. الخطاب المشهود اكتشف الحاجة إلى وزير الزراعة لتعديل الأوضاع فعيّنه رئيساً للوزراء، بينما كانت زرعة الحرية زيتونة غرستها رزان منذ زمن، لتكشف الحالة البائسة للأنظمة العربية المترهلة، التي مازالت تظن أن بوسعها الاستمرار في قمع الناس وسحلهم والادعاء في نفس الوقت بشرعيتها وقوميتها. رزان زيتونة الكاتبة والمحامية والصحافية السورية والبالغة من العمر 34 عاماً، التي كانت قد فازت منذ فترة بجائزة "أنا بوليتكوفسكايا"، هي نموذج حي للشعب السوري المناضل الذي ظل يراكم الاحتجاج حتى انفجرت الجماهير مطالبة بإنهاء القمع. وتُمنَح الجائزة لامرأة مدافعة عن حقوق الإنسان تدافع عن الضحايا في منطقة حرب. وهي تأتي كتذكار للصحافية الروسية أنا بوليتكوفسكايا التي سقطت قتيلة بعد إطلاق الرصاص عليها في 2006 أثناء نقلها أخبار النزاع في الشيشان، وحتى الآن لم يُقدَّم أحد للمحاكمة بتهمة قتلها. رزان استمرت في رصد الانتهاكات الفادحة ومقتل آلاف الأبرياء حتى تم اعتقال زوجها وائل حمادة عدة مرات، واضطرت هي للاختفاء مدة طويلة مع الاستمرار في كشف الانتهاكات دون توقف، ورزان في هذه الحالة ليست إلا نموذجاً للآلاف من الوطنيين السوريين الذين يكافحون القمع والهيمنة واستلاب كرامة الإنسان. وكانت رزان قد أبلغت منظمة العفو الدولية من مخبئها بعد حصولها على الجائزة أن "العيش في حالة ترقب لما يمكن أن يحدث في الساعة التالية ليس أمراً سهلاً. ولكننا جميعاً نعرف أن الثمن الذي أدفعه متواضع بالقياس للآخرين. فقد دفع آخرون حياتهم وعانى غيرهم السجن والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة"، وتستمر رزان "والفصل الأجمل في الثورة السورية هو المعنويات العالية للشعب السوري الذي حوّل الاحتجاجات إلى احتفالات ملونة من الأغاني والرقصات وأهازيج الحرية رغم الرصاص والاعتقالات والدبابات، وهذا التصميم والأمل يحفزاننا على مواصلة الكفاح من أجل الحرية". هذه غرسة رزان هي زيتونة الحرية، وهي غرسة لا أظن أن النظام القمعي قادر على التصدي لها بمجرد تعيين وزير زراعة غرساته بائسة لا تسمن ولا تغني من جوع.
Ad