الدستور خطأ تاريخي!
أنهت المحكمة الدستورية الجدل وحكمت برفض الطعن الحكومي وعززت من الممارسة السياسية. وصار على السياسيين أن يدركوا أن المحكمة تلعب دوراً مهماً في ترشيد عملية سياسية تائهة، تتقاذفها السلطة بشكل أساسي وعبثية سياسية. المحكمة الدستورية كان لها موعد سابق قبل شهور عندما حكمت بإبطال مجلس 2012 وإعادة مجلس 2009 المنحل، وإن كان أهم ما جاء في الحكم هو أنه فتح المجال على مصراعيه لمناقشة الأعمال السياسية أو السيادية، وهي نقلة كبرى في منطق العمل السياسي.
إلا أن حكم المحكمة لن يحل حالة الاحتقان، لسبب بسيط، وهو أن لدينا سلطة، ترى الدستور خطأً تاريخياً، وهي بذلك تكون المتسبب الرئيس في تراجع المجتمع وتدهور أحواله، وإنه بدون صرف النظر نهائياً من قبل السلطة عن تلك الفكرة، فإننا لن ننتهي من الأزمات. كل محاولات السلطة للهيمنة انتهت بكارثة أو بفشل ذريع بدءاً من إصدار قوانين ضد الدستور في 1965، واستقالة 8 نواب احتجاجاً في 1966، إلى حل المجلس البلدي في 1966، وإهدار 200 مليون دينار على التثمين غير المقنن، إلى تزوير الانتخابات في 1967، إلى حل المجلس غير الدستوري في 1976 و1986، ومحاولات إلغاء الدستور عبر السعي لتنقيحه في 1980 و1982، إلى المحاولات العبثية لضرب الدستور في السنوات الأخيرة. دون أن تدرك السلطة أنه آن الأوان أن تتعامل مع الدستور على أنه وُجِد ليبقى، وأنه قد حمى المجتمع من عاديات الزمن إبان الاحتلال وأثناء أزمة الحكم في 2006 فإننا لن ننتهي من الأزمات، وبالتالي فإن أي تحرك من السلطة لتعديل قانون الانتخاب منفردة، خاصة بعد صدور حكم المحكمة برفض طعنها، فإنه سيصب في نفس السياق، وهو مزيد من إعاقة المجتمع. كذلك فإنه بات واضحاً أن على السياسيين الذين يريدون العبث بالدستور وتقويضه أن يدركوا أنهم يمثلون الوجه الآخر للعملة، وأنهم صار عليهم أيضاً أن يدركوا أن الدستور لا يتم تعديله إلا لمزيد من الحريات.نحمد الله أن لدينا دستوراً، ونحمد الله أن لدينا محكمة دستورية، فبدونهما كانت الأمور ستسير إلى أسوأ مما نحن عليه من سوء.