كيف قاطعنا انتخابات المجلس الوطني؟

نشر في 26-11-2012
آخر تحديث 26-11-2012 | 00:01
 أ.د. غانم النجار يقال إن التاريخ يعيد نفسه مرتين، الأولى كمأساة والثانية كمهزلة، حسب ماركس، ولا أظنه يعيد نفسه إلا ببعض التفاصيل التي تبدو متشابهة شكلاً فقط، فاستقراء التاريخ قد يساعدنا على فهم التجارب، كما أن فيه متعة، شريطة أن يكون تاريخاً حقيقياً، لم تعبث به سلطة أو مصالح معينة.

هكذا علينا أن ننظر لتجربة انتخابات المجلس الوطني التي تمت في ١٠ يونيو ١٩٩٠، والمقاطعة الشعبية الناجحة لتلك الانتخابات.

فالظروف غير الظروف والتفاصيل غير التفاصيل، ففي انتخابات المجلس الوطني كانت قيادة المقاطعة شبه مركزية بين مؤسسات "الحركة الدستورية" الرئيسية الثلاث، وهي تكتل النواب، ويتراوح عدده بين ٢٦ و٣١ نائباً، ومجموعة الـ٤٥، واللجنة الإعلامية التي تشرفت برئاستها، وتولت مسؤولية ترتيب المقاطعة، وبالذات في يوم الانتخاب.

ولئن كنا نعلن عن نشاط المؤسستين الأخريين، فإن اللجنة الإعلامية ظلت غير معروفة للملأ، وقد ضمت في عضويتها سامي المنيس والشهيد فيصل الصانع، رحمهما الله (والذي كنا نجتمع في بيته)، وجاسم السعدون ونصار الخالدي ومحمد القديري وصالح النفيسي، وأعتذر إن كنت قد نسيت أحداً، لأننا لم نكن ندون محاضر اجتماعاتها خشية الملاحقة.

كانت أمام اللجنة تحديات كبيرة، فالصحف الخمس اليومية بها رقابة حكومية دائمة، والملاحقات والاعتقالات كانت مستمرة، والتنصت على أجهزة الهاتف بالنسبة للفاعلين في الحراك الشعبي أصبح عملاً روتينياً، بل إن تسجيلات مكالمات أهل بعض النواب تم تسريبها للدواوين، كما تم إبعاد المراسل الأجنبي الوحيد باتريك وير مراسل "رويترز" عن البلاد.

لم يكن لدينا "تويتر" أو "يوتيوب" أو غيرهما، ربما ساعدتنا تداعيات الأحداث في التركيز على الهدف، فالسلطة كانت قد علقت الدستور منذ صيف ١٩٨٦، وفرضت الرقابة على الصحافة، وتمت عسكرة الدولة بشكل كامل، وتم تطبيق قانون أمن الدولة بحذافيره أو بـ"حوافيره" لا فرق.

وكان ان أعطت كتلة النواب فرصة هدوء للسلطة، حيث لم يبدأ تحرك "الحركة الدستورية"، أو ما اشتهر باسم ديوانيات الاثنين، إلا في ديسمبر ١٩٨٩، وتحت ضغط الحراك اضطرت السلطة إلى فتح ما أطلق عليه "عملية الحوار"، وهي عبارة عن لقاءات كان يديرها شخصياً مع مجموعة كبيرة من الديوانيات رئيس الوزراء ولي العهد الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله.

ومع اننا رصدنا نتائج تلك الحوارات بأن قرابة الـ٨٠ في المئة كان رأيهم أن حل الأزمة السياسية يتمثل في العودة إلى دستور ١٩٦٢ وإجراء انتخابات، فإن القرار كان مفاجئاً بإجراء انتخابات لمخلوق جديد اسمه المجلس الوطني، ما حتم المقاطعة، فكيف حدثت تلك المقاطعة؟

للحديث بقية

back to top