الأغلبية الصامتة: تعايش أو تفكيك بإحسان
![إبراهيم المليفي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1612377050504273100/1612377064000/1280x960.jpg)
قد يظن من قرأ كل ما سبق أني أريد اليوم الخوض في شؤون الصداقة وتقلباتها، والحق أن هذا الموضوع بات يشغلني بعد "الانقلاب" الذي أحدثه "تويتر" في نمط العلاقات الاجتماعية السائدة، فقد عادت الصداقات القديمة، واندمجت الأعمار المتفاوتة في خط كلامي واحد، ومن اعتاد الحياة المنعزلة عن كل ما هو مختلف عنه بدأ يحبو في عالم أرحب من العالم الضيق الذي حبس أو حُبس فيه، ولكن ما أردته اليوم فعلا هو بث مخاوفي مما يحصل داخل أجزاء كثيرة في العالم العربي، بعد تزايد دعوات الانفصال وتفكك الدول القائمة إلى دويلات أصغر.لقد وجدت في العلاقات الإنسانية مثالا مصغراً للعلاقة بين المكونات العرقية والطائفية والقومية داخل البلد الواحد، وبعيداً عن أي خطاب قومي ينشغل بالوحدة الشكلية ويهمل المضمون المتنافر، أقول إن ما تم جمعه "قسرا" وبالقوة داخل كيان واحد، مثل الطلبة الذين لم يختاروا وجودهم في صف واحد، سيأتي اليوم الذي يتفرقون فيه ويمضي كل واحد منهم إلى غايته. إن الدول العربية في مجملها فشلت في تحقيق مفهوم المواطنة التي تعلو بالحق والمساواة فوق كل الهويات الأخرى، وفي كل بلد عربي نجد حالات متفاوتة من الانقسام قد تصل إلى المطالبة بالانفصال كما يحدث الآن في ليبيا، رغم أن أغلبية السكان مسلمون ومن مذهب واحد، أو كما حصل في السودان قبل أقل من عام عندما انفصل جنوبه عن شماله المسلم، ومن يظن أن الجنوب أغلبيته من المسيحيين مخطئ لأن الغلبة هناك لأصحاب الديانات غير السماوية، وفي العراق تمكن الأكراد من نيل الحكم الذاتي ومنصب رئاسة الدولة ومناصب مهمة أخرى، ولكن لا يمكن للمراقب ألا يلاحظ توقهم نحو الاستقلال الكامل، وفي شمال إفريقيا تتزايد حرارة المطالبات بالمساواة الثقافية واللغوية بين الأمازيغ والعرب.إن القوة كما فعل الاتحاد السوفياتي قد تحقق اتساعا جغرافيا وإنجازات قد تبدو أنها مبنية على أساس متين، ولكنها في الحقيقة تخفي بركانا لا يلبث أن ينفجر في وجه من يسد فوهتة، فإما تعايش بالمعروف أو تفكيك بإحسان.الفقرة الأخيرة:ربط الناس بسلسلة وطن لا يقوم على العدالة والمساواة واحترام الخصوصيات الثقافية والدينية ستكون وخيمة طال الزمان أم قصر.