أيوا مدينة المعرفة!

نشر في 04-09-2012
آخر تحديث 04-09-2012 | 00:01
 طالب الرفاعي تقع ولاية "أيوا-Iowa" في الغرب الأوسط للولايات المتحدة الأميركية. وإذا كانت شهرتها تأتي من أنها أهم الولايات الأميركية في زراعة وتصدير "الذرة" فإن الدكتور "كريستفر ميرل-Christopher Merrill" رئيس برنامج "الكتابة الإبداعية العالمي" وفي حفل الاستقبال الجميل الذي أقامه في حديقة بيته، مساء يوم الثلاثاء الموافق 27 من الشهر الفائت، احتفاءً بالكتّاب المشاركين في الدورة (46) لعام 2012، بحضور عمدة المدينة وأعضاء من الكونغرس ورئيسة "جامعة أيوا-Iowa University" وما يزيد على المئة شخص من الكتّاب والمثقفين وداعمي وممولي الأعمال الثقافية والفنية، أشار في كلمته، إلى أن المرور أو الإقامة في مدينة "أيوا" بمنزلة تعميد الكتابة لدى أي كاتب. وقال والنشوة تغمر صوته: "إن ولاية أيوا، العاصمة الثقافية للولايات المتحدة الأميركية، حسب تصنيف "اليونسكو" تفخر بأن يُشار إليها بشهرة الإبداع والكتابة، واستقبال الكتّاب من مختلف بقاع الأرض".

أشارك مع (31) كاتباً من العالم، لأكون محاضراً في برنامج الكتابة الإبداعية في جامعة أيوا، وعلى امتداد ثلاثة أشهر... صحيح ان الغرفة المخصصة لي في في الطابق الثالث من "فندق الجامعة" تطل على النهر، ويشكّل الشجر وانعكاس لونه الآخضر لون النهر الأليف والحميم، الذي أفتح عينيَّ عليه في كل صباح، إلا أن الطقس كان حاراً ورطباً، وتصل حرارته إلى (34)، خلافاً لما كنت أتوقع.

"أيوا" مدينة منفتحة على الشمس والخضرة، كما هي منفتحة على ثقافات العالم. فهي في عمومها مدينة معرفة. فما بين مبنى للجامعة وآخر، يقع مبنى، وما بين مستشفى تخصصي دراسي ومستشفى، يقبع مستشفى، وما بين مكتبة ومكتبة مجاورة، تفتح مكتبة ثالثة أذرعها لاستقبال زائريها.

أردد دائماً مقولة: "لكل امرء من اسمه نصيب"، ولم أشعر طوال عمري بأني طالب علم كما أنا هنا. فمكتبة الجامعة تحوي ما يزيد على الخمسة ملايين كتاب، ويمكن لأي كاتب مشارك في برنامج الكتابة أن يستعير خلال فترة إقامته ألف كتاب، خلافاً لمكتبة الأفلام الوثائقية والأفلام الروائية القصيرة والطويلة. كما أن الوصول إلى أي كتاب لا يحتاج من الجهد والوقت إلا بقدر إعطاء اسم الكتاب لمسؤول المكتبة، ليحضر الكتاب في أقل من دقائق.

القائمون على برنامج الكتابة الإبداعية العالمي، الذي انطلق عام 1967، واحتفى منذ ذلك الوقت بما يزيد على "1400 كاتب" من "140 بلداً"، يتخذون من "بيت شامبوا-Shambaugh House" بأدواره الثلاثة، مقراً لاستقبال الكتّاب وإقامة بعض القراءات والندوات، وينتقلون بالكتّاب خلال البرنامج إلى أكثر من ولاية وأكثر من جامعة، ليكون الكتّاب في محاضرات وقراءات ومشاركات جامعية وجماهيرية. كما يوفرون للكاتب وقتاً خالصاً للكتابة من جهة، ولمخالطة كتّاب من مختلف دول العالم، وعقد صداقات إنسانية وثقافية معهم، وتبادل الخبرات الإبداعية للكتابة. وكل هذا يأتي باحتفاءٍ وإجلالٍ للكاتب وقدره. ففي لحظة من لحظات جولتي في مكتبة الجامعة بين أرففها العامرة بملايين الكتب، عبرتني رجفة خاطفة، ودار ببالي خاطر: "وحدها الكتب تبقى بعد أن يأتي الزمان على أهلها، وكأن لسان حالها يقول: الكاتب أبقى من عمره القصير. ووحده قادر على أن يبقى بعد زوال الجميع"، وربما يشكّل هذا العزاء الأكبر لأي كاتب مبدع.

لا أريد لوجودي في برنامج الكتابة الإبداعية العالمي ممثلاً عن دولة الكويت أن يكون مختصراً على أعمالي القصصية والروائية، لذا حملت معي بعض الأعمال المبدعة لأصدقائي الكتّاب والروائيين، مثلما أخذت مسرحيات وأفلاماً كويتية وثائقية وروائية، وسأسعد بعرضها والتعليق عليها، ومن ثم إيداعها في المكتبة، لتكون في متناول كل من يهتم بشأن الأدب والفن والثقافة في الكويت.

back to top