لم "يُغمِّسْ" وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي خارج الصحن عندما تقدم باقتراح، خلال استقباله المبعوث الرئاسي السوري إلى طهران فيصل المقداد، بأن تكون بلاده "طرفاً" في التسوية السياسية للأزمة السورية، فإيران كانت ولاتزال جزءاً من هذه الأزمة، وهي غارقة حتى عمامتها السوداء في الشأن الداخلي لهذه الدولة العربية، كما أنها تشارك مشاركة فعالة بالأموال والسلاح والخبراء والمخبرين في هذه الحرب القذرة فعلاً، التي يشنها الرئيس بشار الأسد ضد شعبه. ولذلك فإنه من حقها أن تكون طرفاً في التسوية السياسية التي يجري الإعداد لها الآن، وحيث من المنتظر أن تشمل جولة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان طهران، والمثل يقول: "من يقدم كَفَّيْه للقطع من حقه أن يقدمهما للحناء"، وحقيقة أن الرئيس بشار الأسد بات يتحول شيئاً فشيئاً إلى "شاهد ما شافش حاجة"، إذْ إن ما يجري في بلده وما يجري حوله أصبح قراره في موسكو وفي بكين وفي العاصمة الإيرانية... وربما أيضاً في ضاحية بيروت الجنوبية عند "حزب الله" وحسن نصرالله. وهنا، ولعل ما يثير الاستغراب أن هناك، سواء من كان على هامش قمة بغداد العربية الأخيرة، أو من كان داخلها، من رفع شعار عدم التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية السورية، وكل هذا بينما كان كوفي أنان ينتقل من موسكو إلى بكين، وكان أعلن أنه سيذهب إلى طهران، وبينما كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة الإيرانية يفاوض كبار المسؤولين الإيرانيين على ما سيكون عليه مستقبل "القطر العربي السوري"، بعد أن أصبحت سورية ساحة لصراع دولي متعدد الأطراف وبصورة أسوأ مما كانت عليه الأمور في مرحلة صراع المعسكرات والحرب الباردة. إنه لا أسوأ من نظام يستدرج كل دببة الأرض إلى كَرْمه، ويحول بلده إلى ميدان لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى، سواء في الإقليم أو في الغرب والشرق، والخطيئة الكبرى التي اقترفها بشار الأسد حدثت عندما أدار ظهره للعرب وتعامل مع مبادرة الجامعة العربية بالمناورات والألاعيب الصبيانية ولم يتردد في وضع كل قراراته في يد روسيا، التي هذه المسألة بالنسبة إليها حسابات كثيرة، وهي كذلك في يد إيران، التي تعتبر أن سورية في عهد هذا النظام تشكل أكبر رأس جسر متقدم لتطلعاتها الحيوية والاستراتيجية في هذه المنطقة العربية والشرق أوسطية. ولهذا فإنه أمر طبيعي أن يطالب وزير الخارجية الإيراني، وهو يستقبل المبعوث الرئاسي السوري إلى طهران فيصل المقداد، بأن تكون بلاده "طرفاً" في التسوية السياسية للأزمة السورية، كما أنه أمر طبيعي أن يخرج قرار التهدئة والحرب من يد بشار الأسد مادامت هذه الحرب التي بقي يشنها على شعبه منذ أكثر من عام قد تحولت إلى لعبة دولية على هذا النحو، ومادامت سورية قد تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الدول القريبة والبعيدة التي لها في هذه المنطقة مصالح وتطلعات متضاربة كثيرة.
أخر كلام
الأسد... شاهد ما شافش حاجة!
31-03-2012