قرار وزير الإعلام بشأن إلزام وسائل الإعلام بتنظيم العملية الانتخابية الذي جاء سندا لتطبيق قوانين المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والانتخابات، لا يمكن قبول تطبيقه لمخالفته للدستور والقانون، وذلك لاستحداثه مراكز قانونية لم ترد بالقوانين التي استند إليها.

Ad

وبالنسبة إلى الصحف فعلى الرغم من منح قانون المطبوعات والنشر لوزير الإعلام إصدار اللوائح الخاصة على وسائل الإعلام المقروءة فإن القانون لم يورد عقوبة على مخالفتها، وهو ما يعني أن المشرع  فوّض وزارة الإعلام في هذا القانون سن قرارات تنظيمية لوسائل الإعلام فقط، وبطبيعة الحال لا يمكن لتلك اللوائح أو القرارات التي يصدرها الوزير أن تتضمن حظرا لأفعال لم ترد بالمادة 21 من القانون، وهي أفعال وردت بالقانون على سبيل الحصر.

الأمر الآخر إن المادة 32 من الدستور نصت على انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ومثل تلك الأفعال التي أعلنها القرار الوزاري محذرا وسائل الإعلام من مخالفتها كمنع نشر إحصائيات أو أرقام أو لقاءات انتخابية يوم الاقتراع، أو أنه على وسائل الإعلام التفرقة في النشر بين الخبر الانتخابي وبين الإعلان الانتخابي، وهي تحذيرات لا تجد صداها بقانون المطبوعات والنشر لا بحظر نشرها ولا حتى بالتجريم عليها، وبالتالي فإن تجريمها يستلزم صدور قانون بها لا قرار إداري.

وسبق لوزارة الإعلام أن أحالت عددا من الممثلين القانونيين للصحف إلى القضاء بتهم مخالفة القانون لعدم تقيدهم بقرار الوزارة تقديم الميزانيات السنوية الخاصة بصحفهم في موعدها إلى المدقق الحسابي المكلف من قبل الوزارة، وانتهى القضاء إلى تبرئة الصحف من تلك التهم استنادا إلى أن قانون المطبوعات والنشر خلا من النص على تجريم تلك المخالفة، كما أنه لم ينص على العقوبات في حالة مخالفتها، وبالتالي فتقديم وزارة الإعلام اليوم لمزيد من الشكاوى إلى النيابة العامة بتهمة مخالفة قانون المطبوعات والنشر لمجرد عدم الالتزام بالقرار الوزاري لمجرد أن صحيفة نشرت إحصائيات أو لقاء صحافيا في يوم الانتخابات لا يعد مؤثما طالما أنها لم تكن من بين المحاذير التي أوردتها المادة 21 من قانون المطبوعات والنشر، والواردة على سبيل الحصر، أو حتى قد ورد لها عقوبة في القانون إذا ما سلمنا جدلا بأنها مخالفة.

 ولذلك يتعين على وزارة الإعلام أن تعيد النظر في القرارات الصادرة منها، فعلى الرغم من كونها تتضمن تحذيرات للصحف اليومية لا تجد صدى لها من التجريم وفق قانون المطبوعات والنشر، تخالف أيضا نصوص الدستور 32 و36 و37، فالمادة 32 من الدستور تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، والمادة 36 تنص على أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو بالكتابة أو غيرهما، والمادة 37 تنص على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.