الخطوة القادمة

نشر في 09-07-2012
آخر تحديث 09-07-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. بدر الديحاني كثير من المصطلحات السياسية يثير استخدامها في غير مكانها الصحيح لبساً وغموضاً يفقدانها قيمتها، ويجردانها من معناها الصحيح، ومن هذه المصطلحات التي تستخدم بكثرة هذه الأيام هو مصطلح "الأغلبية" التي، كما ذكرنا من قبل، ليست أغلبية حزبية أو حتى ائتلافية حول برامج محددة.

فنظامنا الديمقراطي ليس نظاماً برلمانياً، ولا يوجد لدينا أحزاب سياسية مشهرة، لذا فما يسمى "أغلبية" ليست سوى عدد من نواب مجلس 2012 المنحل بحكم المحكمة الدستورية غير المتجانسين فكرياً وسياسياً، لكنهم كانوا متوافقين بشكل أولي وعام جداً على عدد من مشاريع القوانين التي كانوا ينوون تقديمها خلال فترة ولايتهم الدستورية التي أبطلتها أخيرا المحكمة الدستورية.

الجديد هذه الأيام أن ما يسمى "كتلة الأغلبية"، مع تحفظنا على المسمى، تنوي كما صرّح بعض أعضائها خوض الانتخابات القادمة بقائمة واحدة، وكأن "الكتلة" قد تحولت فجأة إلى حزب له برنامج سياسي واحد أو جبهة سياسية متوافقة سياسياً على حدود دنيا تجعل تحديد خطوات عملية ملموسة لبرنامج سياسي محدد يلتزم به أعضاء القائمة كافة عملية ميسرة، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه متوافر إذا ما أخذنا في الاعتبار المشارب السياسية والفكرية لأعضاء ما يسمى الأغلبية، أو على الأقل لأغلبية أعضاؤها (حدس، التجمع السلفي، التكتل الشعبي، ثوابت الأمة، المستقلون) وهو ما رأيناه بشكل واضح خلال المدة القصيرة للمجلس المبطل!

لقد كان المؤمل بعد الحراك الشعبي الذي ضم كل المكونات الاجتماعية والسياسية لمجتمعنا، وطرح مطالب محددة تتعلق بالإصلاح السياسي "نهج جديد"، ومحاربة الفساد "من أين لك هذا؟"، والحفاظ على المال العام، وعدم انتهاك الدستور "إلا الدستور" أن تتبلور جبهة سياسية تتبنى هذه المطالب، وتدفع بإقرارها في أسرع وقت ممكن، مستفيدة من زخم التأييد الشعبي الذي أحبطه عدم التزام ما يسمى "الأغلبية" بما طرح من مطالب أثناء التجمعات العامة، بل على العكس فقد تبنت قضايا خلافية بعضها ينسف مدنية الدولة ويعبث بالدستور؛ مثل طلب تعديل المادتين 2 و79 من الدستور وما سمي "قانون الحشمة"!

لهذا فإن المطلوب الآن هو التوافق الوطني العام بين كل القوى السياسية والشبابية الداعية إلى الإصلاح السياسي والتغيير الديمقراطي؛ حول مطالب سياسية واضحة وملموسة تتعلق بتطوير نظامنا الديمقراطي ضمن الأطر الدستورية لها إطار زمني محدد، ثم تشكيل جبهة سياسية وطنية واسعة تخوض الانتخابات العامة ببرنامج سياسي محدد ملتزم بالدستور بدلاً من الإصرار على استخدام مصطلحات سياسية ملتبسة وغامضة لا تعبر عن الواقع تعبيرا صحيحا، مثل ما يسمى "الأغلبية" أو "الأقلية".

back to top