لماذا اقتنع الناخب بسياسات أوباما الاقتصادية؟

نشر في 09-11-2012 | 00:01
آخر تحديث 09-11-2012 | 00:01
No Image Caption
على الرغم من أن جورج دبليو بوش لم يكن إلى جانب أوباما ورومني على ورقة الاقتراع، فإن آثار سياساته التي تزامن معها الركود الأعظم بالولايات المتحدة الذي ترتب على سياساته الاقتصادية والعسكرية التي كان لها بالغ الأثر في إضعاف القوة الأميركية، كانت ماثلة أمام الناخب الأميركي.
يبدو أن إدراك الناخب الأميركي أن التركة الثقيلة التي خلفها جورج دبليو بوش كانت من أسباب أزمته الاقتصادية الحالية وأن مت رومني لن يزيد عن كونه وجها آخر للحزب الجمهوري، دفع باراك أوباما إلى فترة رئاسية ثانية، آملا أن تثمر جهوده إصلاح ما أفسده بوش الابن.

وعلى الرغم من أن بوش لم يكن إلى جانب أوباما ورومني على ورقة الاقتراع، فإن آثار سياساته التي تزامن معها الركود الأعظم بالولايات المتحدة الذي ترتب على سياساته الاقتصادية والعسكرية التي كان لها بالغ الأثر في إضعاف القوة الأميركية، كانت ماثلة أمام الناخب الأميركي.

ظل بوش الابن

كما استشعر الناخب أن سياسات رومني المعلنة التي اقترحها لخفض العجز بشكل دائم في الوقت الذي لا يزال الاقتصاد الأميركي ضعيفا ستؤدي دون شك إلى إضعاف النمو الأميركي الهزيل بالفعل، وربما إلى عودة الركود مرة أخرى إذا تفاقمت الأزمة العالمية، خاصة في منطقة اليورو.

وأظهرت حملة رومني الانتخابية اعتماده على مستشاري بوش الابن، وتفانيه في زيادة الإنفاق العسكري، ونفس الاعتقاد الخاطئ بأن خفض الضرائب المفروضة على الأغنياء هو الحل لكل المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها أميركا، ونفس الحسابات الغامضة فيما يتصل بالميزانية، وهو ما يعني أنه ظل لبوش الابن.

وإعادة انتخاب أوباما تعني رضا معظم الأميركيين عن السياسات الاقتصادية التي بدأها قبل أربع سنوات من حفز للاقتصاد وانتشال البنوك والشركات الكبرى من قبضة الأزمة، فقد أثمرت تلك السياسات انتعاشا -ولو ضعيفا- للاقتصاد الكلي.

وبعد أن أقنع أوباما الناخب الأميركي باستحقاقه لولاية ثانية، فإنه يجب عليه أن يدفع بانتعاش الاقتصاد إلى وتيرة أسرع.

فمنذ الركود في الأزمة المالية بين عامي 2007 و2009 لم يستطع الاقتصاد النمو بأكثر من 2%، كما استمر المعدل المرتفع للبطالة. وكان آخر رقم حكومي نشر هو 7.9% في الوقت الذي يعاني فيه 23 مليونا من الأميركيين من البطالة أو من عدم الحصول على عمل دائم.

وخلال حملته الانتخابية قال أوباما إن سياساته الاقتصادية ستركز على القطاع الصناعي لمساعدة المشروعات الصغيرة، كما أنه يستهدف تحسين نوعية التعليم وتوظيف مئة ألف مدرس للرياضيات والعلوم، وخفض الاعتماد على الطاقة المستوردة.

ومن خطط أوباما حتى عام 2016 توفير مليون وظيفة في القطاع الصناعي إضافة إلى أكثر من 600 ألف وظيفة في صناعة الغاز الطبيعي.

كما تعهد أوباما باستخدام نصف الأموال التي تم توفيرها من حربي العراق وأفغانستان في تمويل مشروعات البنية الأساسية.

وعندما بدأ أوباما فترته الرئاسية الأولى وافق الكونغرس الذي كان تحت سيطرة الديمقراطيين في حينه على حزمة حفز للاقتصاد الأميركي بقيمة 840 مليار دولار. لكن أي خطط جديدة كبيرة للإنفاق خلال فترته الثانية ستحتاج إلى موافقة من مجلس النواب الذي لا يزال تحت سيطرة الجمهوريين.

سياسة أوباما المالية

وقد اقترح أوباما خفض عجز الموازنة الأميركية بأكثر من أربعة تريليونات دولار خلال السنوات العشر القادمة، عن طريق إنهاء قوانين خفض الضرائب على الأثرياء الأميركيين، وهي قوانين سنتها إدارة بوش الابن. ويهدف أوباما من خلال هذه السياسة إلى تحقيق تعادل الموازنة فيما بعد.

ويؤيد أوباما خفض ضريبة الدخل على الشركات إلى 28% من 35%. لكنه في الوقت نفسه لن يقوم بتجديد إعفاءات ضريبية منحت للشركات في عهد الإدارة السابقة خاصة لشركات النفط والغاز وللشركات التي تستجلب وظائف في الخارج وترسل أرباحها أيضا إلى خارج الولايات المتحدة.

ومن خلال دفعه لحفز الاقتصاد، يبدو أن أوباما يعتزم الإبقاء على بن برنانكي رئيسا لمجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) لفترة ثالثة، لكن محللين يقولون إن برنانكي الذي أمضى ثمانية أعوام في المنصب الذي تخللته أزمات ثقيلة قد لا يرغب في البقاء في المنصب لفترة ثالثة بعد انتهاء الفترة الثانية في 31 يناير 2014.

وينظر إلى نائبة برنانكي جانيت يلين على أنها خليفة له بحيث تستمر في السياسات النقدية التحفيزية التي بدأها برنانكي، إلى أن يتم تحسين سوق العمل بالبلاد.

ومن المتوقع أن يستمر أوباما في سياساته الخاصة بإصلاح وول ستريت التي بدأها في فترته الأولى، ردا على مسؤولية وول ستريت عن الأزمة المالية. وسيمضي الرئيس قدما في إعداد قانون للإصلاح يسمى قانون دود فرانك.

كما سيستمر أوباما في سياساته التي تستهدف مساعدة المقترضين على تسوية ديون الرهن العقاري القائمة منذ عدة سنوات، في ظل هبوط أسعار الفائدة، رغم أن جهوده ساعدت عددا قليل منهم فقط.

انتقادات لأوباما

ويرى منتقدو سياسات أوباما -ومنهم بالطبع مت رومني- أن تلك السياسات أعاقت النمو الاقتصادي للولايات المتحدة عن طريق تكبيل الاقتصاد بالقيود والسماح للدين العام بتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي.

فقد أصبحت الشركات أقل رغبة في الاستثمار بسبب ضبابية الوضع الاقتصادي. ووعد رومني بخفض الضرائب وخفض الإنفاق وتسوية الفجوات الموجودة في النظام الضريبي وخفض مستوى الروتين. كما وعد بزيادة عدد المشروعات وإيجاد فرص عمل أكبر.

ويقول منتقدون آخرون إن أوباما أظهر قدرا كبيرا من الحذر. كما أظهر تفاؤلا كبيرا فيما يتعلق بقدرة الاقتصاد على النهوض من وهدة الركود. واستثمر كل رأسماله السياسي في تمرير قانون الرعاية الصحية وأعطى أهمية قليلة لمساعدة الاقتصاد الأميركي في العودة للوقوف على قدميه.

ويضيف هؤلاء أن حزمة الحفز الاقتصادي التي نفذها لم تكن كافية لمعالجة آثار الأزمة المالية وأن الصورة أيضا غير واضحة المعالم في ما يتعلق بسياساته الاقتصادية في الفترة القادمة. وسيواجه ما يعرف بالهاوية المالية التي سيتزامن فيها رفع الضرائب مع زيادة الإنفاق في يناير القادم، كما سيواجه مرة أخرى معارك بالكونغرس لاستكمال سياسات بدأها في الفترة الأولى.

مشاكل أميركا المالية تهبط في الأسواق

أغلقت أمس الأول الأسهم الأميركية على هبوط حاد، وفقد مؤشر داو جونز أكثر من 300 نقطة، وتراجعت كل المؤشرات الرئيسية أكثر من 2 في المئة عقب صعودها، نتيجة إعلان فوز باراك أوباما بولاية رئاسية جديدة.

كما واصلت الأسهم الآسيوية خسائرها امس جراء قلق المستثمرين من مناقشات وشيكة في الكونغرس، من أجل تفادي ما يسمى المنحدر المالي قبل نهاية العام الجاري، كما كان للمتاعب الاقتصادية لأوروبا نصيب في هبوط الأسواق.

وأنهى مؤشر داو جونز لأسهم الشركات الأميركية الكبرى تداوله بانخفاض قدره 2.36 في المئة، ومؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 2.37 في المئة، بينما تراجع مؤشر ناسداك لأسهم شركات التقنية بمعدل 2.48 في المئة، كما هوت أسعار العقود الآجلة للخام الأميركي بنسبة 5 في المئة، لتستقر عند سعر 84.44 دولارا للبرميل، نتيجة تجدد المخاوف بشأن مشاكل أكبر اقتصادات العالم.

وفي آسيا هبط مؤشر بورصة نيكي اليابانية أمس بنسبة 1.3 في المئة، ومؤشر بورصة هونغ كونغ بنسبة 1.24 في المئة، وانخفض مؤشرا بورصتي سيدني وسول بـ0.85 في المئة و0.89 في المئة على التوالي.

وتكمن مخاوف المستثمرين بالأسواق الدولية في احتمال عدم قدرة الكونغرس على تجاوز هاوية مالية، في ظل خلافات حادة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إذ يتطلب الأمر اتفاق الغريمين على كيفية تقليص الإنفاق، وزيادة الضرائب للعام المقبل بما قيمته 600 مليار دولار، فضلا عن ضرورة رفع سقف الدين الأميركي لتفادي حدوث أزمة سيولة للحكومة الاتحادية.

في هذا الصدد، دعا الزعيم الديمقراطي بمجلس الشيوخ الأميركي هاري ريد أمس إلى التعاون مع الجمهوريين في مواجهة عجز الميزانية الاتحادية ومشكلات الضرائب التي تلوح في الأفق، بينما قال زعيم الجمهوريين جون بوينر إن على إدارة أوباما إيجاد حل قصير الأمد لتفادي المنحدر المالي، ثم الاشتغال على مخطط دائم لخفض المديونية في العام المقبل.

back to top