«في مديح الحدود» لريجيس دوبريه... ثقافة تنظيم أمور البيت

نشر في 08-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 08-07-2013 | 00:01
No Image Caption
{في مديح الحدود}، عنوان الكتاب الأخير للكاتب الفرنسي ريجيس دوبريه الذي عرفه العالم كأحد رفاق تشي غيفارا الذي أمضى معه شطراً من {نضاله} في أميركا اللاتينية، قبل أن يعود إلى بلاده ويصبح مستشاراً سياسياً في قصر الإيليزيه ومهتماً بعلم الأديان والميديولوجيا والثقافة عموماً.
كتاب «في مديح الحدود» محاضرة ألقاها الكاتب الفرنسي ريجيس دوبريه في البيت الفرنسي- الياباني في طوكيو عام 2010، صدر كهدية مع مجلة «الدوحة» بترجمة ديمة الشكر. يؤكد المؤلف على {فضيلة} مفهوم {الحد}، وذلك تحديداً في مواجهة {الانفلات من جميع الحدود والمقاييس}. ولا يتردد في التأكيد منذ البداية على أن مفهوم الحدود يشكل {ضامناً حقيقياً للمرجعيات الحيوية} لدى البشر. والإصرار أيضاً على أنه في هذه الفترة المضطربة من تاريخ العالم يغدو {احترام} مفهوم الحدود أمرا ملحّا وضرورياً.  

يشرح دوبريه أفكاره في الكتاب عبر خمسة محاور {مقتضبة}. يحدد أولاً أنه من التوهم الاعتقاد بأن {شعار العولمة}، الذي أراد المستفيدون منه ترويجه، سيحل جميع الإشكاليات التي تواجهها الإنسانية. ويشير إلى أن المبدأ {الكوني} القائل بانتفاء الحدود وينطلق من نوايا حسنة جدا بالتأكيد هدفها الوصول إلى نوع من التنسيق للعلاقات الإنسانية وقيام نوع من الحكومة العالمية التي ترعى استمرار السلام العام والشامل.

لكن دوبريه يركز مباشرة بعد هذا الإعلان عن {حسن النيّة} على القول إنه {من السذاجة} ألا يرى المرء وراء هذه الحجج {الجميلة} أن ثمة مرامٍ وغايات تثير كثيراً من الجدل.

ويسأل المؤلف: {من يحق له الكلام عن إزالة الحدود عندما نرى أن ثمة أكثر فأكثر من الجدران لإعاقة انتقال البشر؟ هذا ما يقوله الواقع الفلسطيني وواقع طرد أعداد كبيرة من ذوي الأصول الرومانيين {الغجر} من فرنسا قبل فترة وجيزة من الزمن. يتابع دوبريه: {في الوقت الذي تتم فيه إزالة الحدود يتم أيضاً بناء الجدران}. يتحدث في هذا الصدد عن جدار العزل العنصري في فلسطين المحتلّة، ويقول {إن من ينظر إلى خارطة العالم يسهل عليه أن يرى الأماكن ذات اللون الرمادي التي يعود القول الفصل فيها إلى {القنبلة والمتفجرات والسواطير... افريقيا الوسطى والقرن الإفريقي. الصومال- إريتريا. القوقاز وجنوب شرق آسيا... كشمير... ويبقى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي المثال الأكثر دلالة على خارطة العالم.

 ويضيف أن إسرائيل تطالب بحدود آمنة معترف بها {لكنها لا تحددها}، وينقل عن الكاتب اليساري الإسرائيلي أوري أفنيري (90 عاما) قوله إن لب السلام هو الحدود وهو {ما لم توضحه أبداً الحركة الصهيونية فاتحة بذلك المجال لقضم لانهائي للأراضي}. ويقول إن أول رئيس لوزراء إسرائيل دافيد بن جوريون قام {بمجازفة حين لم يأت في إعلان الاستقلال على ذكر للحدود} في إشارة إلى ما يطلق عليه العرب والفلسطينيون {النكبة} عام 1948.

إفلاس العولمة

بعد أن يذكر المؤلف كثيراً من الظواهر «السلبية» التي ترتبت على العولمة بنسختها الراهنة، يصل إلى القول إن هذه العولمة ستصل ذات يوم إلى «إفلاسها» الكامل. وعندها سيجد الكثير أنفسهم مرغمين على «إعادة الاعتبار لأبوابهم القديمة» التي كان قد جرى فتحها على مصراعيها لأسباب عدة وأسماء متنوعة. لكن عملية «إغلاق الأبواب» من جديد لن تكون لأجل الحماية من الآخرين بمقدار ما هي «تنظيم أمور البيت في الداخل». وهذا كان دائماً «مصير الإمبراطوريات» المهزومة. إشارات استفهام كبيرة يتم إصدارها في هذا السياق بصدد مستقبل الاتحاد الأوروبي.  

وكان المؤلف غادر في شبابه إلى أميركا اللاتينية والتحق بالمناضل الأممي الأشهر تشي غيفاراً مقاتلا معه في أدغال وغابات كوبا وبوليفيا وأمضى ثماني سنوات، من بينها ثلاث سنوات في السجن في بوليفيا.

back to top