عززت القوات الموالية للنظام السوري المدعومة بمقاتلين من "حزب الله" هجومها على مدينة القصير التي تمكنت من الصمود لليوم الثالث، في حين لاقى تدخل "حزب الله" في المعارك إدانة دولية متزايدة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا. 

Ad

استأنفت القوات الموالية لنظام الرئيس بشار الأسد مدعومة من عناصر "حزب الله" أمس هجومها على بلدة القصير الواقعة قرب الحدود اللبنانية في محافظة حمص. وشنت القوات الموالية للأسد أكثر من ثلاث غارات جوية على الأقل مستهدفة مباني في المدينة الى جانب القصف المدفعي العشوائي، في حين ارسل "حزب الله" تعزيزات جديدة الى القصير بعد الخسائر الهائلة التي تعرض لها في اليومين الأخيرين، وذلك وسط تزايد الادانة الدولية لتدخل الحزب في النزاع السوري.

وقال نشطاء معارضون أمس إن القتال احتدم في القصير بالاضافة الى مناطق في الشرق حيث توجد عدة قواعد للجيش الموالي للأسد وفي المداخل الجنوبية والغربية التي يسيطر عليها "حزب الله".

وأفاد مصدر مقرب من حزب الله "فرانس برس" بأن العدد الأكبر من عناصره قتلوا بسبب الألغام التي زرعها المقاتلون المعارضون في محيط المدينة، وأضاف أن الحزب "ارسل تعزيزات جديدة من عناصر النخبة الى القصير"، مشيراً الى أنه "اعتقل أيضاً عدداً من مقاتلي المعارضة بينهم أجانب".

وعلى الحدود الشمالية للبنان، سقطت قذائف مصدرها سورية في بلدة المونسى في منطقة وادي خالد ذات الأغلبية السنية، ما ادى الى جرح تسعة اشخاص بينهم امرأة وطفلان، بحسب ما افاد مسؤول محلي.

الجولان

في غضون ذلك، اعلنت القوات الموالية للأسد أمس انها دمرت عربة إسرائيلية تجاوزت خط وقف النار في الجولان، مؤكدة أنها سترد "بحزم" على أي خرق لـ "السيادة" السورية، الأمر الذي نفاه الجيش الإسرائيلي، موضحاً أن إحدى عرباته تعرضت لإطلاق نار من الجانب السوري ألحق بها أضراراً طفيفة وأنه رد على مصادر إطلاق النار موقعا اصابات. وحذر رئيس الاركان الإسرائيلي بني غانتز أمس من اندلاع حرب في أي لحظة موضحا أنه "لا يمر يوم دون أن نكون في عملية اتخاذ قرار قد يؤدي الى تدهور مفاجئ واضطراب في الوضع الامني. هذا وضع سيرافقنا في المستقبل القريب".

أوباما والاتحاد الأوروبي

وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما ابدى أمس الأول في اتصال مع نظيره اللبناني ميشال سليمان، قلقه من مشاركة "حزب الله" في المعارك داخل الأراضي السورية. وأمس أفاد دبلوماسيون اوروبيون بأن بريطانيا تقدمت بطلب الى شركائها الاوروبيين لوضع الجناح المسلح لـ"حزب الله" على لائحة المنظمات الارهابية، على ان تنطلق المحادثات بشأن هذه المسألة مطلع يونيو المقبل.

أردوغان

وندد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس بتدخل "حزب الله" في معركة القصير. وقال اردوغان، ردا على سؤال لأحد الصحافيين عما اذا كان يعتبر تدخل قوات النخبة في الحزب اللبناني في معارك سورية "تدخلا اجنبيا": "انا مع هذا الرأي تماما"، مضيفاً: "في سورية هناك قوى اخرى وليس فقط حزب الله"، في اشارة الى إيران.

وأوضح رئيس الوزراء التركي، خلال مؤتمر صحافي في مطار اسطنبول بعيد عودته من زيارة استمرت اياما عدة الى الولايات المتحدة: "يجب على وسائل اعلام العالم اجمع ان توضح ما هي المنظمات الناشطة حاليا في سورية، وما هي البلدان الداعمة لها"، مشيرا الى أن "اولئك الذين يعتبرون الدعم اللوجستي المقدم من تركيا للمعارضة السورية تدخلاً اجنبياً لا يقولون الامر نفسه ازاء تدخل حركات تشارك في المعارك".

لائحة المفاوضين

وأعلنت مصادر دبلوماسية اوروبية أمس أن نظام الأسد وضع في مطلع مارس لائحة بخمسة وزراء تمهيدا لمفاوضات محتملة مع المعارضة، مضيفة أن هذه اللائحة التي نقلت الى الروس، تضم رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي ونائب رئيس الوزراء قدري جميل وثلاثة مسؤولين حكوميين آخرين.

وأشار أحد هذه المصادر الى أن "هذه اللائحة يمكن ان تتطور" وأنه من الضروري ان توافق المعارضة على المفاوضين الذين يجب ان "يتمتعوا بالقدرة الحقيقية على التفاوض". وذكر المصدر أن مندوبي دمشق "يجب الا يكونوا ايضا مسؤولين بشكل مباشر عن عمليات القمع". وكان مسؤول فرنسي كبير طلب عدم الكشف عن هويته اعتبر اخيرا في تصريح لوكالة "فرانس برس" أن بعض الاسماء التي اقترحتها دمشق "غير مقبولة".

اجتماع عربي

بدورها، حذرت الجامعة العربية أمس من تدخل "أطراف خارجية" بشكل مباشر وغير مباشر في العمليات الحربية في سورية.

وأصدر مجلس الجامعة الذي انعقد على مستوى المندوبين الدائمين لبحث التطورات على الساحة السورية خاصة الأحداث التي تشهدها مدينة القصير، قراراً حذّر فيه من "التطورات الخطيرة الناجمة عن تدخل أطراف خارجية بشكلٍ مباشر وغير مباشر في العمليات القتالية وإثارة نوازع الفتنة التي يحاول البعض جر سورية والمنطقة إليها وما قد يمثله ذلك من آثار وخيمة على وحدة أراضي سورية وعلى المنطقة من حولها".

كما أعرب القرار عن الإدانة الشديدة لـ"استمرار عمليات العنف والقتل والجرائم البشعة التي ترتكب ضد المدنيين السوريين واستخدام الأسلحة الثقيلة والطيران الحربي وصواريخ سكود في قصف القرى والمدن الآهلة بالسكان وآخرها مدينة القصير".

كما قرر الاجتماع "العمل على تقديم كل أشكال الدعم المطلوب للشعب السوري للدفاع عن نفسه".

وأكد المجلس ضرورة المساءلة الجنائية لجميع المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون، وأكد لبنان موقفه القاضي بالنأي بالنفس عن هذا القرار.

طهران

وأعلنت إيران أمس أنها ستدرس الردّ بإيجابية في حال دُعيَت إلى المشارکة في مؤتمر "جنیف 2" حول الأزمة السورية حسبما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجیة الإيرانية عباس عراقجي، الذي شدد أيضا على ان بلاده تعتقد منذ البداية أنه "لا یوجد حل للملف السوري سوی الحوار بین الحكومة والمعارضة باعتبارهما طرفي النزاع والأزمة".

(دمشق، بيروت، أنقرة، بروكسل ــ أ ف ب، رويترز،

د ب أ، يو بي آي)