العقار ومواد البناء: البدر لـ الجريدة•: لا توجد أزمة سكن بل مشكلة «رفاهية»

نشر في 21-01-2013 | 00:01
آخر تحديث 21-01-2013 | 00:01
«الدعم الحكومي للمواد الإنشائية باب من أبواب الفساد»

أكد رئيس مجلس ادارة شركة السكب الكويتية عادل البدر أنه رغم الشاغر الكثير في قطاعات العقار الاستثماري فإن الأسعار لاتزال، بيعا وايجارا، في ظل أحاديث عن سياسات احتكارية يمارسها بعض الشركات أو المستثمرون عموما في هذا القطاع، متأثرة بأحد عاملين: الملاءة المالية للمالك، التي تدفعه الى التحكم في العقار المملوك بيعا وايجارا، وضبط ملاك العقارات الاستثمارية ايقاع الاسعار مكرهين تحت وطأة الرهون للبنوك، التي تم تشييد عقاراتهم بتمويل منها، ما يجعل خفض السعر تحقيقا مؤكدا لخسارة كبيرة.

وقال البدر، في لقاء مع «الجريدة»، إن المستثمرين يفضلون، في ظل هذا الوضع، الإبقاء على العقارات شاغرة، أفضل من تأجيرها بقيم منخفضة تنعكس على القيمة العامة للعقار عند المبيع، مشددا على أن الكويت لا تعاني مشكلة إسكانية، بل مشكلة في التملك، إذ إن كل مواطن يبحث عن سكن ملك أو فيلا بمواصفات معينة.

شدد البدر على ان الوضع في ارتفاع قيمة الاسعار والايجار في العقار الاستثماري طبيعي، مشيرا الى ان احصاءات التراخيص التي كانت تمنح في هذا القطاع، في الستينيات والسبعينيات، كانت في حدود معينة في مناطق الفروانية وحولي وميدان حولي، بينما تلك المناطق كانت لا تملك مباني جديدة في ظل تشبع السوق منها.

اما فترة التسعينيات فقد شهدت قفزة نوعية في نسبة البناء التي زادت، خصوصا المباني الجديدة مكان المباني القديمة بنسب بناء مرتفعة في ذات الموقع القديم وذات المساحة القديمة للارض المشيد عليها البناية.

واضاف البدر أن التغير حدث في نسبة الارتفاع، فبدلا من ان تكون العمارة ثلاثة او اربعة أدوار اضحت فوق 10 ادوار، فضلا عن عدد الشقق في الدور الواحد، الذي ارتفع من شقتين بمساحات كبيرة الى اربعة شقق بمساحات صغيرة جدا.

ولفت الى ان تلك الشقق الصغيرة اختلفت خدماتها عن سابقاتها من حيث التكييف، الذي اصبح مركزيا، والخدمات الاخرى، وهذا شجع على الانتقال من العمارات القديمة الى الجديدة، ما أدى إلى ارتفاع الايجارات ايضا، موضحين ان هناك اماكن تكتظ بالسكان، وهذا مرده الى كثافة المرافق الخدمية الاخرى التي يبحث عنها المستأجر من مدارس ومراكز صحية وغير ذلك.

قروض بنكية

وذكر البدر ان هناك مناطق مثل ابوحليفة تجد عمارات فارغة من المستأجرين، بعد ان بنى المالك العمارة بقروض بنكية او غيرها من الخدمات التمويلية، ثم يبحث عن المستأجرين في تلك الاماكن فلا يجد، ما يضطره الى تخفيض قيمة الايجار، بدلا من ان يبقى البناء فارغا.

وزاد ان نحو 5 في المئة فقط من المواطنين الكويتيين يستأجرون في العمارات الاستثمارية، أما النسبة الباقية فمن غير الكويتيين، مؤكدا ان الايجارات لاتزال مرتفعة لاسباب كثيرة، منها التكلفة الاجمالية على المالك والمواصفات التي تتمتع بها العمارات الحديثة.

واضاف ان قطعة ارض عرضت على الشركة في عام 1994 في منطقة شرق بمساحة 2200 متر مربع، بـ1.2 مليون دينار، ثم في عام 2004 اشترتها شركة بـ6 ملايين، ثم في 2008 عرض على المشتري الجديد 15 مليونا لكن لم يبعها.

وتابع ان المشتري الأخير اسس شركة على الارض، وحصل على قرض بـ3.5 ملايين، وباشر بناء برج، ثم حدث انهيار أثناء البناء فتوقف، ومن هنا أصبح البنك عاجزا عن ان يضع يده عليها، والمشتري عاجز ايضا عن استكمال البناء، وفوق ذلك لو اكمل البناء فإنه لن يستطيع تأجيره بقيمة تتناسب مع خدمات الدين والتكلفة الحقيقية لها.

عقار صناعي

قال البدر إن مشكلة العقار الصناعي في الكويت مزمنة، والحلول سهلة ومتوافرة، مشيرا إلى ان الدول كلها او معظمها لا تقيم مناطق صناعية داخل مناطق سكنية، بينما الكويت أقامت مناطق صناعية وصل إليها باكرا التوسع السكاني، وهذا مرجعه الى ضعف التخطيط سابقا.

وأضاف «اليوم في منطقة جزيرة بوبيان التي جعلت فيها الكويت ميناء كبيرا، فضلا عن إقامة مدينة الحرير تجاه منطقة الصبية، والتي ربما سيقام فيها نحو 50 ألف وحدة سكنية للتوزيع على المحتاجين وعندئذ نقع في ذات الخطأ»، مشيرا إلى أن «معظم الصناعات في مملكة البحرين قائمة على البحر، والكويت بإمكانها استغلال منطقة رأس الصبية بجوار محطة الكهرباء لتخصيص مساحة مليونين او اكثر من الامتار المربعة، وتسور ثم تطرح بنظام الـ(بي أو تي) خارج نطاق الهيئة العامة للصناعة كمدينة صناعية مملوكة لشركة».

وأوضح أن تلك الشركة التي تعهد هو بتأمينها تنشئ محطة الكهرباء على حسابها الخاص ومحطة الماء وتنشئ البنية التحتية كاملة على حسابها الخاص، ثم تبني المنطقة السكنية للعمالة، وهنا تصبح المنطقة متكاملة ونموذجا للمدن الصناعية النموذجية، لافتا إلى أنهم اليوم يتجهون إلى إنشاء مناطق صناعية في مناطق الشدادية والنعايم، وهم يدركون أن السكن يزحف باتجاههما!

وأكد أن الحكومة قادرة على تخصيص أرض في مناطق خارجية مثل السالمي والعبدلي وغيرهما، وهناك تقام عليها مدن صناعية وفق دراسة لمكتب استشاري عالمي مدعومة من قبل دولة الكويت بالوقود فقط، على ان تستغلها الشركة المنفذة مدة زمنية معينة وفق اتفاقات «بي او تي» أو ما تشير به الدراسة العالمية، وبهذا «نكون قد دورنا الأموال، وأوجدنا حلولا لمشكلات الصناعة ومشاكل السكن أيضا».

القرض الإسكاني

قال البدر إنه مع زيادة القرض الاسكاني، ولكنه ضد الدعم الذي تقدمه الحكومة على المواد الانشائية للحاصلين على القرض الاسكاني، لأن الدعم بأوجهه كافة هو باب للفساد دون أدنى شك، مؤكدا أن على الدولة ان تمنح المواطن المتقدم بطلب الاسكان القرض على دفعات متوافقة مع مراحل البناء لديه، ثم تتركه ليدعم نفسه بنفسه، ولا تتحمل هي ثمن الحديد او الطابوق او الأسمنت او غيرها من مواد الدعم المقدمة إليه.

بيئة غير مناسبة

من جانب آخر/ قال البدر ان سبب خروج الشركات الكويتية باستثماراتها الضخمة خارج السوق المحلية مرده الى بيئة القرار غير المناسبة.

ولفت الى ان دول الخليج تعاني ظاهرة طغيان الوفرة المالية على القرار السياسي.

وقال ان معظم الاستثمارات الخليجية التي عاشت نهضة حقيقية تتمثل في امارة دبي وليس في مكان آخر في المنطقة، علما بان دبي ليس فيها نفط يكفيها ويغطي حاجتها بل لم تكن في الثمانينيات شيئا.

وأضاف ان تنمية البلد جاءت بناء على رغبة جادة لدى ابناء البلد هناك وبناء على تلك الرغبة جاؤوا بمختص رأى ان دبي تصلح لتكون مركز تجارة بالعبور (الترانزيت) او تكون مخازن لدول الخليج العربي، وبناء عليه سهلت الدولة اجراءات المستثمر الاجنبي ودخول وخروج المستثمرين.

وقال ان دبي اضحت منذ ذلك الوقت ذات بيئة جاذبة فاستقطبت رؤوس أموال من الكويت ومن دول الخليج العربي ومن الهند ومن دول اخرى في اوروبا ومن باقي دول العالم.

«وعندما عادت هونغ كونغ الى الصين وتخوف بعض المستثمرين من الاستثمار فيها لم يكن امام هؤلاء بديل الا في دبي».

وأضاف ان الكويت لا تعيش مثل تلك الحاجة فالنفط يغطي ميزانية الدولة وزيادة، وبناء عليه اضحى كل الكويتيين موظفين لدى الدولة.

على صعيد ذي صلة اشار البدر الى ان الكويت فيها بيئة تشريعية ممتازة من ناحية القوانين المتوفرة فيها ولكن المشكلة تكمن في تفاصيل التطبيق وتعقيداته.

وبين انه منذ عمله في شركة السكب منذ نحو 20 سنة وهو يواجه سوء الفهم في تطبيق القوانين، حتى اضحى التطبيق هو القاعدة او القانون وفق رؤية مخالفة تماما لما نص عليه القانون، مؤكدا ان الكويت فيها افضل القوانين فيما هي مبتلاة بالفساد في الاستثناءات بالتطبيق، بل الاكثر من ذلك ان القائمين على تطبيق القوانين غير مدركين لها و»لا عارفين بتفاصيلها».

شركة السكب

قال البدر ان شركة السكب الكويت دخلت في استثمار صغير في صناعة الستانليس ستيل في شركة اسمها «يوسكو» في عام 2005 في البحرين، وكانت لها مساهمة مع شركاء بنسبة 5% وكان رأسمالها يقدر بـ 80 مليون دولار اميركي آنذاك.

وأضاف: «شركاؤنا في «يوسكو» يملكون مصنعا في البحرين مملوكا لشركة اسمها شركة الخليج المتحدة للصناعات وهو مصنع لانتاج البيليت المادة الاساسية لصناعة الحديد ولهم شريك اجنبي يملك 50%، ونحن اشترينا كشركاء في «يوسكو» حصة الشريك الاجنبي الـ 50% ثم انشأنا شركة فولاذ القابضة التي تملك «يوسكو» و»الخليج المتحدة للصناعات».

وتابع: «بعد حين بنينا مصنعاً آخر مشابها لمصنع البيليت الذي ينتج كمية مقاربة للمصنع الاول والتي تقدر نحو 5 ملايين طن ليصل اجمالي الانتاج الى 10 ملايين طن سنويا من البيليت».

 وأضاف «ان الشركة القابضة دخلت بشراكة مع شركة يابانية هي «ياماكو كوجي» بنسبة 51% لـ»فولاذ القابضة» و49% للشركة اليابانية، وأنشأنا مصنعا ثالثا لاختزال الكريات».

وقال: «اضحى لدينا ثلاثة مصانع: مصنع لاختزال الكريات الحديدية وازالة الشوائب منها، والثاني فرن لانتاج القوالب اوالبيليت، والثالث لانتاج الجسور الحديدية وهذا الاخير المصنع الاول في صناعة الجسور ثقيلة الوزن».

وذكر البدر ان رأس المال للشركة القابضة تقريبا يبلغ نحو 600 مليون دولار، فيما القيمة الفعلية هي اكبر من ذلك وحصة الاجانب فقط تبلغ لوحدها نحو 500 مليون دولا، بينما اجمالي راس المال المستثمر يبلغ نحو 3 مليارات دولار.

وتوقع ان تقلع المصانع الثالثة في نهاية عام 2014 وهي تشكل بداية الربحية لها، فيما سيكون الاقلاع المبدئي للمصانع في اليومين المقبلين لمدة ثلاثة أشهر ولكن بغير الطاقة القصوى لها.

وأكد ان الطاقة الانتاجيه لمصنع انتاج الجسور تبلغ نحو 600 الف طن سنويا، فيما النصف الثاني من هذا العام ستنتج الشركة فقط 100 الف طن، بينما الطاقة القصوى ستكون مع نهاية 2014.

وقال: «ان المشكلة التي تعاني منها مصانع الحديد هي القدرة على تأمين المادة الخام للحديد، اذ ان الطاقة القصوى لمصانع الحديد كافة تبلغ سنويا نحو 12 مليون طن، وكي تنتج المصانع هذه الكمية نحتاج حديد خام زنة 13 مليون طن».

واكد «ان خام الحديد مفقود اليوم، فيما نعمل الآن على اساس 6 ملايين طن من الانتاج في الطاقة الحالية وهذا المتوفر فقط في السوق، اما لعام 2014 فقد قمنا بعقد اتفاقية مع منجم جديد موجود في البرازيل منذ اربع سنوات وكان من المقرر هذا العام تزويد مصانعنا بهذا الانتاج ولكن لديهم مشاكل هناك، اجلت تنفيذ الاتفاقيه الى 2014».

تصدير الخردة

عن رأيه في قرار التجارة تنظيم تصدير السكراب الكويتي قال البدر ان هذا الامر متعلق بحاجة البلد ففي كل دول العالم من المؤكد عندما تشعر الحكومة بانها بحاجة الى مادة السكراب لتيسير امور صناعتها المحلية توقف تصدير السكراب وتحظره، وفي الكويت نفس الشيء يجب ان يحدث.

واردف ان هذا مقرون بحاجة السوق المحلية فاذا تعذر على المصانع استهلاك كامل الكمية المتوفرة يفتح باب التصدير والا فالمنع مفروض على التصدير.

خطة تنمية خرسانية

أكد البدر أن «خطة التنمية لها آثار على الواقع، ولكن عندما نقول تنمية يتبادر إلى الذهن انواع من التنمية منها التنمية البشرية والتنمية التي تقوي الاقتصاد وتنمو به وتخفف العبء عن الحكومة، ولكن التنمية التي نرى آثارها على ارض الواقع اليوم هي تنمية خرسانية وليس تنمية بالمعنى الشامل للكلمة».

ولفت الى أن «ما ينفق على الخطة التنموية لا يسمى هدرا للمال العام، لأن البلد بحاجة الى بناء جسور وبناء مستشفيات، ولكن بعد إنجاز كل هذه التنمية الخرسانية نتساءل عن التنمية التي حدثت للبلد، فالاقتصاد ليس شركات مقاولات فقط، وإلا فهي خطة تنمية خرسانية ليس أكثر من هذا».

وأشار إلى أن ما تطرحه الدولة اليوم من مشاريع اسكانية كالمشروع المعلن عنه بحجم 109 آلاف وحدة سكنية ليس حلا جذريا، بل هو حل مؤقت للمشكلة، موضحا أن هناك دراسة وضعت في عام 1981 وكانت بداية توزيع قسائم منطقة صباح السالم، ووزارة التخطيط أعدت دراسة عن الأجيال القادمة، ونسبة التوالد ونسبة الأعمار فاستنتجت أن هناك، آنذاك، حاجة إلى نحو 3000 وحدة سكنية سنويا، وفي 1985 رأت أن تكون الحاجة تتمثل في 5000 وحدة سكنية في السنة، وفي 1990 وصلت الحاجة الى 7000 وحدة وفق مخرجات التعليم ومعدل الولادات ونسب الأعمار.

وقال ان «الدراسة اكدت ان هذه العملية ستملأ أراضي الكويت كاملة دون ان تحل المشكلة، ثم ارتأت النظرة الحكومية التوسع العمودي للشقق مثل مشروع الصوابر»، مشيرا إلى أن «تلك النظرة حوربت، والكويت لا تعاني أبدا من مشكلة اسكانية مطلقاً، بل هي مشكلة في التملك، فكل مواطن يبحث عن سكن ملك بل فيلا ملك له، لها من المواصفات ما لها».

واوضح أن دول العالم تعاني من مشكلة سكن حقيقية، وليس مثل الكويت، فهناك من يبحثون عن شقة في عمارة، أما في الكويت فيبحثون عن فيلا كاملة المواصفات، مشيرا إلى أن «الدراسة سالفة الذكر خلصت الى أن منطقة السرة الحالية تستوعب سكن المواطنين حتى سنة 2100، وذلك إذا تم الحل وفق نظرة التوسع العمودي لا الأفقي.

back to top