أين الأدب في «الأدب»؟!

نشر في 29-06-2013
آخر تحديث 29-06-2013 | 00:01
 يوسف عوض العازمي قرأت قبل مدة إحدى الروايات التي ثار حولها لغط كبير وضجة إعلامية كبيرة، والحقيقة أني كنت متلهفاً لقراءتها؛ نظراً للاحتفاء الذي قوبلت به في الأوساط الثقافية، ومؤلفها أحد الروائيين العرب المعروفين.

وكم كانت صدمتي كبيرة عندما قرأتها، فرغم أنها طبعت في طبعة من الحجم المتوسط، تفوق صفحاتها الثلاثمئة صفحة فإنها وللحق فارغة المضمون، سيئة الفكرة، لا تمت للفائدة بصلة، أغلب محتواها يركز على أفكار خاوية، مع تركيز على إيحاءات غير لائقة وتلميحات إباحية فاقت أحياناً التلميح إلى التصريح، حتى شعرت وكأني أقرأ "كباريه" في كتاب!

استغربت الاحتفاء الحافل الذي استقبلت به الأوساط الإعلامية والثقافية تلك الرواية، ولا أعلم ما الذي جذب انتباههم لتلك الرواية المسخ التي اعتبروها من الفتوحات الأدبية، وهي في واقع الحال "قلة أدب" أسموها "أدب"!

كنت أقرأ كثيراً وأسمع أنه إن أراد الروائي أن يجعل من روايته شهيرة فعليه أن يطرق المحرمات الثلاثة في الثقافة العربية ألا وهي الدين والسياسة والجنس، حتى لو تطرق إليها بسماجة وصفاقة، فهو بذلك كأنه أصاب الهدف وحاز إعجاب ما يسمى بالمثقفين العرب وصالوناتهم المسماة ثقافية!

تذكرت أدباءنا الكبار الرافعي والمنفلوطي وغيرهم ممن ملؤوا  سماء الثقافة العربية بالأدب الرفيع والكلمات المتفردة، حتى الكتّاب أصحاب الأسلوب الساخر كمحمود السعدني الذي وصف الأوضاع في بلده بصورة ساخرة لكنها في الصميم وبالغة التأثير، ورجعت إلى أمثال هذا المثقف "زوراً وبهتاناً"، فأشفقت على حال منابر إعلامية وثقافية معروفة تهلل وترحب وتحتفي بمثل هذه الألفاظ.

 ويبدو أن هذا أحد أسباب انعزال المثقفين عن العامة وانزوائهم في صوامعهم البائسة؛ لأن ما يكتبونه أبعد ما يكون عن الذائقة المحترمة التي تحرص على الأدب النظيف.

ولن أستبعد إن تم ترشيح تلك الرواية من قبل ما يسمى بالنخبة المثقفة إلى جائزة بوكر العربية! كل شيء يجوز!!

لن أذكر اسم الرواية حتى لا أكون قد ساهمت من حيث لا أقصد في الترويج والدعاية المجانية لها... أليس كل ممنوع مرغوباً؟ فبعض ما يسمى بالروايات العربية نسبت إلى الأدب خطأ، في زمن أصبح فيه واقع الثقافة مؤسفاً، ومبادئها مقلوبة إلا من رحم ربي.

back to top