صحيح أن إليسا، في كلمة رفضت فيها انفجار الرويس، لم تحسن التعبير عن عواطفها فبدى كلامها مفككاً وحبّذا لو جاءت كلمتها مدروسة بشكل أفضل كي لا تفسح في المجال أمام التأويل، لكن لا يعني ذلك أن كلامها لم يكن واضحاً إن لم يكن للجمهور العادي فلأهل الصحافة الذين، رغم إدراك بعضهم لما قصدته من رفضها الاستنكار وإصرارها على إحياء الحفلة بعد يومين من الانفجار، أرادوا وبشكل علني، تصفية حسابات معها نتيجة تعصبّ سياسي وحزبي وتأييدهم جهات سياسية مناهضة لتلك التي تناصرها إليسا المعروفة بقربها من حزب القوات اللبنانية وفريق 14 آذار.

Ad

التعصّب الذي أعمى بصيرة البعض جعله ينقضّ على فنانة كل ما قالته: {ما أصابكم أصابنا والحزن واحد}. ربما أرادوها مثلاً أن تصعد إلى خشبة المسرح  وتصرّح: {أستنكر أشد الاستنكار وأدعم المقاومة اللبنانية والموت لإسرائيل ونعم للسيد حسن نصرالله}، لتكون بذلك فنانة محترمة وشريفة!

هؤلاء الذين أرادوا، عن قصد، تجاهل حقيقة كلام إليسا حولوا مواقع التواصل الاجتماعي الخاصّة بهم إلى منابر لشتم الفنانة ولردود بينهم لا تخلو من التجريح والاستهزاء والسخرية، وتحريض جزء كبير من الجمهور الذي وصف إليسا بالصهيوينة المتعاطفة مع العدوّ، وذهب البعض الآخر إلى ضرورة تجريدها من وطنيتها...

لم يعنِ لهؤلاء إصرار إليسا على بدء حفلتها بالنشيد الوطني اللبناني وبأغنية {وطني} للسيدة فيروز، وتوجيه تعزية لأهل الضحايا ومطالبتها بضرورة محاربة الإرهاب بالفن والجمال، فاعتبروا أن مجرّد إصرارها على إحياء الحفلة بعد الانفجار، دليل واضح على عدم تحلّيها بأخلاق وطنية، أليس العرس الذي أقيم في موقع انفجار الرويس يصبّ في هدف حفلة إليسا، وهو أننا شعب يرفض الموت ومصرّ على الحياة؟

فضَّل هؤلاء القلّة اقتناص الفرصة لفتح حرب ضروس على فنانة لبنانية سجلّها حافل بالنجاحات، لم تتردد يوماً بالمجاهرة بمواقفها السياسية من دون مواربة،  انطلاقاً من صدقها مع نفسها ومع جمهورها، وبمواقفها المعلنة من الثورات العربية، فتخلوا عن موضوعيتهم وأخلاقهم المهنية لينصرفوا إلى تصفية حسابات شخصية وفئوية!

تفسير خاطئ

الفنانة إليسا أكّدت أن ما تفوّهت به فُسِّر بطريقة خاطئة ومجتزأة، وأنها حزنت لما أصاب أهالي منطقة الرويس لكنها تركت الاستنكار للسياسيين، وقالت: {زعلت بس ما استنكرت لأنو كل شي بيصير علين بصير علينا... ولادن ولادنا والأطفال يلي راحوا أطفالنا... خلي الاستنكار للسياسيين يلي عم يورطونا... وكل انسان يقاوم باختصاصه...}.

لفتت إليسا إلى أن حفلتها كانت ناجحة، وربما لهذا السبب حاول البعض تشويه كلامها وأضافت: {يمكن لأنو الحفلة كانت كتير ناجحة وما لاقوا شي يحكوا عليه غير إنو ياخدوا الكلمة يلي قلتها ويعملوا منها قصة}. وفي ختام تصريحها أكدت أنها ليست مسؤولة عن طريقة تفكير كل شخص موضحة: {أنا مسؤولة عن شو بقول، ومني مسؤولة عن كل شخص شو بفكر وشو بيفهم وطريقتو بالتحليل}.

دفاع ريما وراغب

في هذا المجال قالت الإعلامية اللبنانية ريما صيرفي، في اتصال مع {الجريدة}، إن ثمة فنانات معروف عنهن تأييدهن جهات سياسية معينة في لبنان لأنهن أعلنَّ ذلك في أكثر من مناسبة من دون إحراج.

أضافت: {أحترم رأيهن لأننا نعيش في بلد ديمقراطي، إليسا عندما استنكرت الانفجار في منطقة الرويس، كانت تتحدث بعفوية وتلقائية وما قالته نابع من قلبها. بعدما دققت بكلامها وجدت ألا غبار عليه سوى أن بعض مفرداتها {مفركشة}، لأنها بطبيعة الحال تفتقد إلى حسن التعبير، ولعل هذا ما أقام الدنيا عليها أقعدها، خصوصاً من بعض الزملاء الذين فهموا خطأ ما قالته إليسا، وهذا يحصل عادة عندما يمتلك الصحافي موقفاً مسبقاً ضد الجهة التي تنتمي إليها تلك الفنانة}.

تتابع: {لا يعني كلامي أنني أدافع عن إليسا ولا علاقة تربطني شخصياً بها، لكن ضميري المهني يفرض عليّ أن أقرأ هذه الحادثة بتجرّد وحيادية، ودائماً أتمنى على الفنانين أن يستعينوا بمن يصوغ لهم الكلمات في مناسبات من هذا النوع، منعاً للالتباس أو حصول تأويلات. أما زملائي الذين أتحدث عنهم، فأحترم أخلاقهم ولكن عسى أن يحكموا دائماً بموضوعية على كل حدث فنّي}.

لم يتردد النجم راغب علامة بالوقوف إلى جانب إليسا مدافعاً عنها وقائلاً: {من المعيب أن يحوّروا كلام إليسا بعد الانفجار الإرهابي في الرويس، عيب اللعب عالكلام. هيدي جريمة وافتراء، نعم الفن يقاوم الإرهاب}. أضاف: «عموماً شهادتي بإليسا مجروحة، فأنا من محبيها، ومبروك إليسا كليبها الجديد».

يذكر أن إليسا فتحت النار على الإخوان المسلمين في مصر مستنكرة ما يحصل في الشارع المصري، وقالت: {بعدما ظهر الوجه الحقيقي للإخوان المسلمين ومفهوم الإرهاب الذي يطبقونه، أحترم الآن أكثر دعاة السلام من المسلمين الذين يعكسون الوجه الحقيقي للدين الإسلامي السمح}. وأبدت إعجابها بوحدة المصريين وروح الاخوّة لدى المسلمين قائلة: {رغم كل الظروف التي تعيشها مصر كان من الرائع أن أقرأ أن المساجد في مصر دعت المسيحيين لأداء صلواتهم في داخلها بعد أعمال الإرهاب التي أحرقت الكنائس، فبرهن هذا الشعب عن اتحاده الدائم في الملمات}.