الحكومة والقراءة السياسية الخطأ!
ألا تعتبر الملاحقات السياسية والأمنية ومحاكمة المعارضين وسجنهم، سواء كانوا مغردين أو سياسيين مؤشرات مقلقة على عدم استقرار الأوضاع الداخلية؟! أم أن الحكومة تعتبر أن الأوضاع هادئة عندما ينقسم المجتمع اجتماعياً وسياسياً وبشكل خطير جداً لأول مرة في تاريخه؟
عندما لا تستجيب الحكومة بسرعة للمطالب الشعبية المستحقة التي يعبر عنها خلال المسيرات الشعبية الضخمة وغير المسبوقة قطاع واسع ومتنوع من المواطنين من جميع المكونات الاجتماعية والسياسية للمجتمع فتلك مصيبة سياسية، وعندما يكون سبب عدم استجابتها لهذه المطالب هو إنكار وجودها فالمصيبة أعظم، لأن ذلك يعني فيما يعنيه قراءة سياسية خاطئة قد يكون سببها انفصال الحكومة عن الواقع وعدم معرفتها بما يجري حقيقة في المجتمع... فالخطوة الأولى لحل أي مشكلة هو الاعتراف بوجودها.على هذا الأساس يمكن تفسير ما صرح به رئيس الحكومة قبل يومين حين قال: "إن الانتخابات البرلمانية والصوت الواحد وما أفرزته كانت عاملاً رئيسياً في تهدئة الأوضاع"!... معقولة؟!
ماذا عن المقاطعة الشعبية الضخمة للانتخابات حيث سُجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات في الكويت، وهو الأمر الذي أدى إلى حجب الشرعية الشعبية والسياسية عن مجلس الصوت الواحد الذي أتى بقرار حكومي منفرد؟أليس ذلك دليلاً مادياً على اتساع حجم المعارضة الشعبية ما يعني أن الأوضاع السياسية الداخلية غير هادئة؟ليس ذلك فحسب، بل ماذا عن المسيرات الشعبية الضخمة "كرامة وطن"، التي وصل عددها حتى الآن إلى 7 مسيرات في أماكن عدة، وشارك فيها عدد هائل من المواطنين فاق في إحدى المرات، بحسب تقارير صحافية محايدة، المئة ألف مواطن، وهو عدد ضخم جداً (مليوني) إذا أخذنا في الاعتبار العدد الإجمالي للمواطنين؟ ثم ماذا عن المسيرات الليلية بالقرب من المناطق أو تلك التي نظمت في الأماكن المخصصة للمشي بعدة مناطق سكنية؟وماذا عن تجمعات "ساحة الإرادة" والندوات الجماهيرية الحاشدة الرافضة للوضع الحالي؟هل تعتبر الحكومة أن الأوضاع السياسية هادئة عندما يضطر المواطنون للخروج إلى الشارع بأعداد هائلة وغير مسبوقة احتجاجا على قرار الحكومة، فتستخدم قوات الأمن- في مشاهد غريبة على الكويت- العنف المفرط لمنعهم من التعبير عن آرائهم فتعتدي عليهم بالضرب المبرح بالهراوات، وتستخدم الرصاص المطاطي والغازات المسيلة للدموع، والقنابل الصوتية والدخانية ما أدى إلى تذمر الأهالي بعد أن استباحت قوى الأمن بعض المنازل؟ألا تعتبر الملاحقات السياسية والأمنية ومحاكمة المعارضين وسجنهم، سواء كانوا مغردين أو سياسيين مؤشرات مقلقة على عدم استقرار الأوضاع الداخلية؟!أم أن الحكومة تعتبر أن الأوضاع هادئة عندما ينقسم المجتمع اجتماعياً وسياسياً وبشكل خطير جداً لأول مرة في تاريخه، رغم ما يعنيه ذلك من تهديد للسلم والأمن الداخليين اللذين تبذل حكومات دول العالم المتقدم جهوداً مضنية وجبارة للمحافظة عليهما باعتبار ذلك إحدى الوظائف الرئيسية لأي حكومة... وإلا فقدت مبرر وجودها؟!