سبعون قصيدة تستعيد العالم (2-2)
لقد جرب محمود البريكان مبكراً كتابة نصوص مطولة كما في قصيدته «أعماق المدينة» في عام 1951 بالإضافة إلى القصائد القصيرة، فائقة الكثافة والايجاز كما في هذه القصيدة:أيها القنوط
هناك، بعد منفذ:القفز إلى دوامات المحيط.وفي قصيدة أخرى:انسَ ما تعرفوأبدأ كآدميخطو على الأرض التي اخصبتها البراكين.ولأن، البريكان كان يدرك ببصيرة الشاعر الحقيقي مصيره وأسراره الخفية وتحولات العالم من حوله، كتب واحدة من أجمل قصائده بعنوان قصيدة ذات مركز متحول.«مدونة الوهملا تنتهي أبداً. النهايات تبدأ دورتها، القصائدتنقض أسرارها وتغادرمنطقة الصمت. ها أنا ذا أجلس بين رماد الحرائق منتظراًأن يتم انطفائي.إن البناء الصارم الذي أسسه البريكان لنصه كان يضفي على مشروعه الشعري جدية حاسمة وانشغالاً دؤوباً، كما يتجلى عبر هذا الاشتغال المدى المعرفي واطلاعه الواسع على التجارب الشعرية في العالم فهو حينما يتحدث عن ريلكه، طاغور، أليوت، أودن، خمينث، والشعراء الفرنسيين انما يفعل ذلك بعمق وحساسية عالية. يحتوي كتاب «متاهة الفراشة» على مجموعتين هما «حارس الفنار» وهي قصائد كتبت بين الاعوام 1958-1969، «وعوالم متداخلة» 1970-1998. بالإضافة إلى الحوار الذي اشرنا اليه، البريكان: في الشعر الوجوه لا تصنع، بل تصنع الاقنعة. نختار من المجموعتين بعضاً من نصوصه.صخرة في محطةتاركة بمنتهى الامومةذراعها للقادم المتعبصديقة المسافرة... الكهلة الممتعة.حارسة الأمتعةحاملة المصباح في الظلام.حضور الأموات، من يتسلل خلف خطانا، في الطرقات المجهولة؟من ينقر عند هبوط الليل نوافذنا؟ ويحرك أطراف ستائرنا حين تهب الريح؟من يبسط في الأحلام يديه وينادينا عبر النهر، أن نعبر للجهة الأخرى؟من يتنفس معنا؟ من يهمس في آخر درجات الصمت، في السهرات الشتوية؟ من يبتسم في المرآة، في أعمق ساعات الحزن؟ الأموات.قصيدة موثقاً إلى صخرةأتسقط رذاذ النجومتعالي أيتها النواسفكلي من أحشائي.