تستكشف صور كارولين تابت في معرض {من أماكن وغبار} العلاقة مع المدينة، والتفاعل بين البشر، فضلاً عن مفاهيم ذكريات الماضي والخسارة وليس الحنين. والمعرض عبارة عن مجموعة من سلسلة من سبعة أجزاء تتضمن صوراً فوتوغرافية تناظرية تم التقاطها على مدى السنوات الثلاث عشرة الماضية، وتبين خبرات المصورة على مدى هذه السنوات، وتحمل جوانب مختلفة مفاهيمية وفنية في تجربة المصورة وفي طريقة عملها أو توجهاتها الفكرية والتأملية والمهنية، وفي عشقها للأبيض والأسود أو محاولتها ابتكار لغة خاصة للصور في الحوارات والعري والتماثيل والوجوه الحالمة والأشياء التي تحولت غباراً وبؤساً بعد القصف.

Ad

في معرض كارولين تابت صور ترتبط بذاكرة بيروت الجماعية تجمع بين الواقع المألوف والتفنن في التقاط العناصر المكوّنة للمكان من زوايا متفرقة. المدينة في الصورة كأنها مكان مغلق لا نرى فيه شيئاً، أو ضاعت وظيفتها أو فقدت بصرها وأشجارها. بمعنى آخر، أصيبت بالعمى وبدأت تبحث عن نفسها في متاهة الزحمة والغبار. والأشخاص في الصور، هم في الوقت نفسه جزء من ديكور لبيوت وأمكنة ليست لها هوية معينة، إنما تذكّر بما يشاهده المرء من بيوت قديمة وزواريب وسلالم داخلية وخارجية، هي الصورة التي تناضل ضد النسيان.

تصوير العري

لا يقتصر تصوير تابت على الأشياء والمباني، بل تصور العري من دون وظيفته وبطريقة تشكيلية ولا تنسى الظلال المركبة. هي لعبة الكاميرا القائمة على تركيب أشياء تجريبية وأشياء كلاسيكية، وهي العين التي تلتقط هشاشة الأشياء وغبارها أو تدلنا على ملامح ضائعة خلف تداعيات الزمن. الجسد في الصورة يقول أشياء كثيرة، خصوصاً بقايا مخلفات الحرب، تصبح للحذاء لغته وللعبة والطفل أيضاً، مع شظايا من الكائنات من الحياة اليومية.

تابت في بعض صورها تلتقط الصورة بعد أن تجري عليها إضافات وتحولات تنقل المشاهد من متابعة الحدث المصور إلى التساؤل عما يحويه من حقائق بصرية، وتبدو الصور كأنها ممحوة في بعض أجزائها تذكّرنا بما كان قائماً منذ أزمان بعيدة وبهتت معالمه بفعل تقلبات الطبيعة.

 ولدت كارولين تابت في بيروت ودرست التصوير في مونبلييه في فرنسا. عملت في باريس لفترة كمصورة أزياء، قبل الانضمام إلى الوكالة اللبنانية للإنتاج السينمائي في بيروت في عام 1995. بين عامي 1996 و2000، شاركت في كثير من المعارض والأعمال الفنية. أقامت مع جوانا أندراوس معرضاً مشتركاً عام 2003 تحت اسم {انغرام} الذي يعني بحث النفس بعد اتصالها بالبدن، عن ذكريات ومعارف من حياتها السابقة.

 يركّز المعرض الحالي على لملمة ذاكرة بشر افتراضيين سكنوا المكان. تتواطأ سرعة الضوء مع حركة الجسد، لاستحضار أشباح سكنت بين الجدران. كل شيء يطفو في لعبة الظل والاختفاء، والصور بمجملها تعكس حالة الحلم المبهم والمتحرر من قيود الزمن. معظمها بالأسود والأبيض. ويستمر المعرض إلى السابع والعشرين من الشهر الجاري.