يتهمنا الغربيون المفترون بأشياء ليست فينا، ويصفوننا بصفات شنيعة قاتلهم الله وأذهب ريحهم، فمنذ فترة رسموا صورة للإنسان العربي، فهو رجل غير مثقف وغير مؤدب، ويلبس ثياباً غالية ولكنه "مبهدل"، ويجلس أمام خيمته في الصحراء، هذه الخيمة قذرة من الداخل وينقصها الترتيب ويملأها الذباب، وتقف أمام الخيمة سيارة فارهة جداً يملكها الأعرابي، وخلف الخيمة يمكن أن ترى البرج المعروف الذي يمثل البئر النفطية خاصته، فهو- برأي الغربيين- يعيش من هذه البئر ويصرف على ملذاته ويمارس الترف من فلوس نفطها.
ما زال في الصورة بعض الشخصيات؛ فالعربي يحب الطرب "والوناسة"، فتأتي فرقة مكونة من الرجال والنساء الذين تخلوا عن جزء من ملابسهم وكثير من أخلاقهم وكامل كرامتهم، فيتراقصون أمامه في منظر لا يدل على أنهم متوافقون أو فرقة متجانسة، فكل واحد منهم يتلاعب ويتراقص ويغرق في المجون علّه يلفت انتباه "السيد الصحراوي" وبالتالي يعجب به ويكسب حظوته وأخيراً "ينوبه" شيئاً من "المقسوم".الغربيون الحاقدون يقولون عن هؤلاء الراقصين انهم غير ملومين، فهم لا يعرفون غير هذه المهنة، والبدوي المتخلف يريدهم كذلك والسوق بحاجة، فهي منظومة متكاملة تعلوها المصلحة وتتغشاها الحاجة.مهلاً... الصورة لم تكتمل؛ لدى البدوي أتباع، وهذا هو المنطق، يجب أن يرى خلفه أتباعاً يجلبهم للسوالف معه وعنه وباسمه أحياناً. "الخويا" هؤلاء ينقسمون إلى قسمين، أحدهما متعلم ومثقف ويعرف "لغات"، لا يأبه للأديان ولا تهمه الأوطان، بإمكانه تبرير أفعال سيده أمام الناس، يلبسها التطور ويخلع عليها المدنية. الفريق الآخر علماني بديكور ديني، سليط اللسان بالدين، قليل الاحترام بالدين، يصحح أخطاء ولي أمره بالدين أيضاً. يشترك "الأتباع" في وحدة الهدف ودقة التوقيت والجلد في حماية البدوي.آخر مشهد في الصورة التي رسمها الغربيون "الله لا يوفقهم" يوضح مجموعة من الكلاب شبه المفترسة التي تقل درجة عن السلوقي، هذه الكلاب أفاض عليها الأعرابي من خيره وجوده وكرمه... وأشبعها. تركها جاهزة للهجوم على كل من تسول له ناقته بالاقتراب من مضارب البدوي أو النزول بجانبه. الكلاب مستعدة لنهش اللحم وكسر العظم وتفريق القافلة وإرضاء المعزب وتحقق رغباته شريطة أن يضمن لها البدوي الطعام والمأوى.المشهد شبه مكتمل والصورة اتضحت الآن. الغربيون لديهم شيء من الإنسانية، لديهم مؤشرات وتنبؤات عن الطقس تقول إن هناك عاصفة سوداء تأتي من الشرق القريب لا تبقي ولا تذر تقتلع الخيمة وتسقط البرج، يقوم بعدها الأتباع والراقصون بالاستيلاء على السيارة والهرب... بينما البدوي "ياكل تراب".
مقالات
البدوي... أحسن ناس!
24-08-2013