وقفت تونس، التي أطلقت شرارة الربيع العربي، عند مفترق طرق عقب عملية اغتيال المعارض البارز محمد البراهمي، الذي تحولت جنازته أمس إلى تظاهرة حاشدة ضد حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، استبقتها أعمال عنف واحتجاجات خلفت قتيلاً وعشرات الجرحى.
وسط توتر شديد ودعوات إلى إسقاط حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، شيع الآلاف في جنازة وطنية أمس النائب المعارض بالمجلس التأسيسي (البرلمان)، والقيادي في تيار الجبهة الشعبية (يسار) محمد البراهمي (58 عاماً)، الذي اغتيل الخميس بالرصاص أمام منزله بالعاصمة. وخرجت الجنازة من منزل البراهمي في حي الخضراء (وسط العاصمة)، وقد وضع جثمانه على سيارة عسكرية مكشوفة توجهت نحو مقبرة الجلاز، أكبر مقبرة في تونس، وردد المشاركون في الجنازة هتافات معادية لحركة النهضة، مثل «ليسقط جلاد الشعب... ليسقط حزب الإخوان». وصعدت أرملة البراهمي وابنه إلى العربة المكشوفة قرب الجثمان، وكانا يلوحان بعلامة النصر، ويرددان النشيد الرسمي، بينما كان ابنه يضع علم فلسطين في عنقه. وتوقف الموكب، الذي حلقت فوقه طائرات عسكرية، في ساحة حقوق الإنسان، حيث انضم إليه آلاف آخرون، رفعوا شعارات ضد الحكومة تقول: «إرحل إرحل... الشعب يريد إسقاط النظام». وكان الرئيس التونسي منصف المرزوقي كلف أمس الأول رئيس أركان جيش البر الجنرال محمد الصالح حامدي «تنظيم جنازة وطنية للبراهمي، والإشراف على الترتيبات المتعلقة بها وتمثيله في مراسم الدفن». هجوم وقتيل وفي تطور لافت، انفجرت صباح أمس عبوة ناسفة أمام مركز للدرك في حلق الواد بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة، وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية محمد العروي إن «الانفجار لم يتسبب في أي خسائر بشرية، بل اقتصر على إلحاق أضرار بالسيارة»، واصفاً الانفجار بـ»العمل الإرهابي والإجرامي بامتياز، ومحاولة استهداف أعوان الأمن». وهذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف سيارة أمنية في تونس بعبوة ناسفة منذ الإطاحة في 14 يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. إلى ذلك، ذكر شهود أن تونسياً واحداً قتل فجر أمس في احتجاجات عنيفة ضد الحكومة في مدينة قفصة جنوبي البلاد، وهو أول قتيل في أعمال عنف تفجرت ليل أمس الأول في الكاف وقفصة والقيروان أيضاً، وتسببت في سقوط عشرات الجرحى في ثاني أيام الاحتجاجات، التي اجتاحت البلاد. استقالة جماعية بدورهم، أعلن 42 نائباً في البرلمان استقالاتهم في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول من المجلس التأسيسي، الذي يضم 217 عضواً، احتجاجاً على اغتيال البراهمي، قبل أن ينضم إليهم أمس 10 نواب، ليرتفع عدد المنسحبين إلى 52. وأكد النواب المنسحبون، خلال مؤتمر صحافي، أن استقالتهم من المجلس تندرج في سياق الاحتجاج على عملية الاغتيال «الجبانة» التي استهدفت زميلهم البراهمي. وشددوا على دخولهم ابتداء من السبت (أمس) في اعتصام مفتوح أمام مقر المجلس التأسيسي، للمطالبة بحل هذا المجلس «الذي فشل في مهمته»، وحل المؤسسات المنبثقة عنه، خاصة الحكومة التي يرأسها القيادي في «النهضة» علي العريض، إضافة إلى إنهاء مهمة رئيس البلاد منصف المرزوقي. وطالبوا بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، برئاسة شخصية وطنية نزيهة، مع التزام أعضائها بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، إلى جانب تشكيل لجنة من الخبراء توكل لها مهمة كتابة الدستور. وينتمي النواب المنسحبون إلى الائتلاف اليساري «الجبهة الشعبية»، وحزب المبادرة، والحزب الجمهوري، والاتحاد من أجل تونس، إضافة إلى عدد من المستقلين. وقال النائب في خميس كسيلة إن اغتيال البراهمي «جريمة نكراء، ومصيبة كبيرة هزت الشعب التونسي الذي لم يتعود على مثل هذه العمليات التي ترتكز على التصفيات الجسدية للخصوم السياسيين». واعتبر ان الشعب التونسي كان يأمل التقدم إلى الأمام، لكن للأسف المسار الذي دخلت فيه تونس بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، التي أسفرت عن المجلس التأسيسي الحالي، أرجع البلاد إلى الوراء، و»كاد يخرجها من التاريخ والجغرافيا، حتى ان التونسيين باتوا لا يعرفون بلدهم». (تونس - أ ف ب، رويترز، يو بي آي)
دوليات
تونس: جنازة البراهمي تتحول إلى احتجاجات ضد «النهضة»
28-07-2013