الخليج مركزاً ثقافياً

نشر في 10-03-2013
آخر تحديث 10-03-2013 | 00:01
 ناصر الظفيري بالتأكيد الأحداث السياسية التي مرت وتمر على عواصم الثقافة العربية في بغداد ودمشق والقاهرة لعبت دورا مهما في تسليط الأضواء على دول الخليج التي تعمل ثقافيا بكثير من النشاط والحماس في السنوات الأخيرة. ودول الخليج ودولة الامارات العربية المتحدة تحديدا تكثف نشاطها الثقافي في عدد من الامارات وترصد مبالغ لا بأس بها لجوائز أدبية في مجالات الأدب المختلفة. وأهم ما يميز هذه الأنشطة هو عدم انحيازها للكتاب الخليجيين ولا يخفى على أحد أن القائمين على تحكيم هذه الأنشطة هم من مختلف الدول العربية.

الحركة الثقافية في الخليج العربي والتي لا تدخل هنا كبديل للحركة الثقافية في العواصم الثقافية وانما تضيف نفسها كمركز من مراكز هذه الثقافة تحتاج الى وعي القائمين بها. لا يمكننا بشكل أو بآخر أن ننكر أن الثقافة في يد الدولة وليست ثقافة مستقلة طالما أن رأس المال الثقافي هو ما توفره هذه الدولة، ومن يعملون في المؤسسات الثقافية هم موظفو الدولة الذين يتلقون رواتبهم منها مباشرة. ولا نستثني الاتحادات الأدبية التي تخضع لنظام وزارت الثقافة في الدولة وهي التي تقوم بتمويلها وتوجيه دفتها الفكرية غالبا. وهي حالة لم تكن غائبة عن العواصم الثقافية الرئيسية، فهي أيضا وبدرجة أشد كانت تحت التأثير المباشر لسلطة الدولة وفكرها وربما كانت قسوتها على معارضيها أكثر وطأة من القسوة الخليجية.

على الأخوة القائمين على الحركة الثقافية في الخليج العربي أن يدركوا أن عواصم الخليج العربي منفردة لا تستطيع أن تعمل بشكل فعال لأسباب أهمها ندرة الناتج الأدبي في كل دولة على حدة. ولكنها تستطيع مجتمعة أن تستفيد من الحركة القرائية المتنامية لصالح الكتاب ونجاح أغلب معارض الكتاب في الرياض والشارقة والكويت. كنت أتمنى أن يتبنى وزراء الثقافة في دول الخليج مشروع اختيار مدينة خليجية كمركز ثقافي دائم يضم مسارح ودور عرض ومعرضا دائم للكتاب ونشاطات ثقافية واصدار دوريات متنوعة محكمة يضمن لها الدعم المالي المواصلة. واختيار مجاميع من أبناء الخليج  والعالم العربي للقيام على ادارة المركز والتحضير لفعالياته وتوحيد هذه الطاقات التي تعمل هنا وهناك بجهود أغلبها تتبخر بعد انتهاء المهرجان.

هذا المركز الثقافي الخليجي يحتاج الى انكار الذات ويعمل على خدمة الثقافة العربية حتى تسترد عواصمنا الثقافية عافيتها ويؤسس للخليج مركزا ثقافيا لتجنيد طاقات أبنائه وبناته يكون رافدا من روافد هذه العواصم. وفي ذات الوقت يبعد تهمة تضخيم الأسماء التي ترعى وتمول فعالية هنا وأخرى هناك تكريسا لاسمها الذاتي لا للفعل الثقافي. ومساهمة دول الخليج مجتمعة في تمويله ورعاية مؤسساتها المالية له سيجعل تكلفته أقل مما نتخيل. الذين يتخيلون أن ذلك حلم عليهم أن يدركوا أنه ليس وهماً اذا كان هناك اخلاص فعلا للعمل الثقافي ووضع الخليج على المسار الصحيح ثقافيا كما فعلنا رياضيا.

• مبروك للكاتبة باسمة العنزي فوزها بالجائزة الثالثة للرواية العربية في الشارقة عن روايتها "حذاء أسود على الرصيف" والتي سنناقشها في الأسابيع القادمة، وهي أيضا سبب هذه المقال.

back to top