فجر يوم جديد: الخليج الثائر!
يُخطئ من يظن أن الدعوة إلى إقامة «مهرجان الخليج السينمائي» تحمل، في طياتها، تكريساً للإقليمية وعودة للتشرذم وانسلاخاً عن القومية العربية، بل يمكن القول، من دون مبالغة، إن انطلاق الدورة السادسة التي افتتحت أمس (الخميس) وتستمر حتى 17 من الجاري، يؤكد أن»الخليج الثائر» ينتفض بالفعل، وأن المهرجان تحوّل إلى ملتقى سنوي للعقول السينمائية المبدعة، ومنصة متكاملة تصهر المفاهيم الإبداعية، على أمل الخروج بمزيد من الآراء والإبداعات التي تُسهم في تنوّع مصادر صناعة السينما، وتعزز برامج المهرجان بمبادرات تعكس النموّ المتزايد للسينما الخليجية، حسب عبد الحميد جمعة (رئيس المهرجان). يشارك في المهرجان 93 فيلماً خليجياً في حدث فريد يُقام تحت رعاية سموّ الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم (رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون)، ويمثل خطوة أكثر نضجاً وتطوراً لفكرة المهرجانات الوطنية التي تجمع أبناء القومية الواحدة، فالمهرجان الذي يدخل عامه السادس يُلقي الضوء على السينما الخليجية الشابة، ويقيس مدى تطوّرها ونموّها، مثلما يتيح فرصة للمخرجين الخليجيين للاحتكاك بإبداعات سينمائية عالمية، إذ يشارك 169 فيلماً من 43 دولة، من بينها: 78 فيلماً في عرض عالميّ أوّل، 15 فيلماً في عرض دوليّ أوّل، 42 فيلماً في عرض أول في منطقة الشرق الأوسط.
يتضمن المهرجان مسابقات رسمية هي: «المسابقة الرسمية الخليجية»، تضم أفلاماً طويلة (روائية ووثائقية)، أفلاماً قصيرة (روائية ووثائقية)، «مسابقة الطلبة للأفلام القصيرة»،»المسابقة الدولية للأفلام القصيرة». تبلغ القيمة الإجمالية للجوائز 500 ألف درهم، بالإضافة إلى تكريم أبرز روّاد العمل السينمائي الخليجي.كذلك يتضمن المهرجان ثلاثة برامج خارج المسابقة هي :»أضواء» يضم أفلاماً قصيرة تسلط الضوء على إبداعات المواهب الخليجية الشابة، «تقاطعات» يطرح مواضيع جريئة ويعرض أفلاماً متميزة تعكس ثقافات العالم، «سينما الأطفال» يُقدم مجموعة مُنتقاة من أفلام رسوم متحركة وأفلام قصيرة تخاطب أحلام الصغار وتوسع آفاقهم في عروض جماهيرية مجانية . انطلقت الدورة السادسة بـ «وجدة» إخراج هيفاء المنصور، أول فيلم روائي طويل يصوَّر كاملاً في المملكة العربية السعودية، فاز بجوائز في «مهرجان الخليج السينمائي»، بدءاً من مرحلة كتابة النص وتطوير السيناريو، وها هو يعود في صورته النهائية كفيلم مفتتحاً الدورة السادسة للمهرجان، بعد فوزه بجوائز في «مهرجان البندقية» و»جائزة المُهر العربي» لأفضل فيلم روائي عربي طويل في الدورة الأخيرة لـ «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، وجائزة أفضل ممثلة لبطلته الطفلة وعد محمد. يقدم «مهرجان الخليج السينمائي» أنشطة أخرى مميزة من بينها: مبادرة «سوق الخليج السينمائي»، (14 -17 أبريل)، تتوجه إلى العاملين في مجال السينما في دول الخليج، «منتدى الخليج السينمائي»، يُقام في إطار «سوق الخليج السينمائي» ويضمّ جلسات حوارية وجلسات تعارف وورش عمل، بالإضافة إلى مبادرتي تمويل لصالح السينمائيين الخليجيين: صندوق «إنجاز» لدعم المشاريع السينمائية وتمويلها في مرحلة الإنتاج وما بعد الإنتاج بمبادرة من «سوق دبي السينمائي»، تجديد الشراكة مع مؤسسة «روبيرت بوش» المهتمة بتمويل مشاريع الأفلام في ألمانيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، ما سيتيح للمخرجين الخليجيين فرصة إطلاق مشاريعهم بتمويل من هذه المؤسسة، كجزء من مبادرة تمويل إنتاج «أفلام عربية قصيرة».«يشهد «مهرجان الخليج السينمائي» ولادة صناعة سينمائية حقيقية وراسخة على يد مواهب إماراتية ينبغي علينا دعمها بشتى السبل، لإيصال أعمالها إلى جمهور المنطقة والعالم»، حسب مسعود أمرالله آل علي (مدير المهرجان) الذي أكد أن المشاركة غير مسبوقة في دورة هذا العام، إذ تلّقى المهرجان أفلاماً من 138 دولة، ويعكس تنامي صناعة الأفلام في دولة الإمارات بشكل متسارع، وتنوّع المبادرات المحلية ودورها في إغناء قطاع صناعة السينما، فضلاً عن تزايد الفرص أمام المبدعين الشباب، كالمنح الدراسية ودورات التدريب مع جهات عدّة مثل: «أكاديمية نيويورك للأفلام»،»مؤسسة الدوحة للأفلام»،»إيمجينيشن»، twofour54. يدعم «سوق الخليج السينمائي» صناعة الأفلام في المنطقة، من خلال استقطاب المهنيين في قطاع صناعة السينما، حسب شيفاني بانديا (المدير الإداري للمهرجان)، وتستمرّ فيه مبادرة «سوق سيناريو الأفلام الخليجية القصيرة» الذي يتبنى كتّاب السيناريو والمخرجين والمنتجين في الخليج، ويتيح الفرصة أمامهم للحصول على المشورة والنصح من أبرز المبدعين العرب العاملين في هذا المجال، ويشجعهم على متابعة إنتاج أفلام خليجية جديدة ومميزة موجهة إلى جمهور السينما حول العالم، بما يجعل من المهرجان تظاهرةً ثقافيةً بمعنى الكلمة.