في سوق الصفافير
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
قرار اللجنة التشريعية لن يؤلف قلوب التقدميين الواعين، ولن تكسب السلطة المتوارية خلف هذا القرار أي شيء منه، فالواعون يدركون أن الشرعية الدستورية الغائبة عن هذا المجلس ولجانه، بداية ونهاية، لن تعود بمثل ذلك القرار، وأن هذا القرار لن يضيف أي مصداقية بشأن عزم السلطة أن تضع الدولة على خط سير التقدم والحريات الغائبة، ويبدو واضحاً أن مثل ذلك القرار قد صدر بعكس التيار الذي يسود الكويت والمنطقة العربية بصفة عامة، التي تتقدم سريعاً نحو الماضي والتراث المحافظ المغلق في أيام "ربيعها" المغبر، ولا يظهر أن شعوب المنطقة بلغت من الوعي الحضارى لتزيح أنظمة الحكم المطلق وتحل مكانها نظماً تؤمن بالتقدم والحريات الإنسانية، فتلك الأنظمة الحاكمة، منذ بداياتها مع استقلال دولها، وجدت في الفكر الديني العوض الكامل عن غياب الشرعية الديمقراطية، وكان الفقه الديني وبرميل النفط بمنزلة العكازين اللذين تسير عليهما تلك الأنظمة المتخلفة والخارجة من جوف مجتمعات عشائرية مفككة عرقياً وطائفياً، ولم يكن لها أي معرفة وإدراك لمفهوم الدولة القومية. إذا كانت اللجنة التشريعية تريد حقيقة أن تضع لبنة صحيحة في بناء الدولة، فأمامها قوانين تزخر بالظلم واللامساواة وتنضح بالتخلف الحضاري، من قانون يحظر منح الجنسية لغير المسلمين، إلى قانون يغلّ يد القضاء عن النظر في مسائل الجنسية والإبعاد الإداري ودور العبادة، إلى قوانين المطبوعات والنشر، إضافة إلى مواد كثيرة في قوانين الجزاء تضع الأغلال على الفكر وحرية التعبير، وتزج بأصحاب الرأي في غياهب السجون، والقائمة ممتدة بقوانين القهر والتخلف، لكنها كلها أبعد ما تكون عن أنف اللجنة وفكرها.