كلما أردنا الحديث بإيجابية جرتنا سلبية الواقع السوداوي الذي نعيشه هذه الأيام في عالمنا العربي، ودفعتنا بمرارتها التي تضاهي مرارة قهوتنا السوداء، وتضطرنا إلى المشاركة في أرشفة ما يقترفه الظلاميون من مآسٍ ومجازر باسم الثورة والدين والحرية.

Ad

نعم، لقد صفق معظمنا بحرارة استثنائية منذ أكثر من سنتين عندما طرق ما كان يسمى "الربيع العربي" باب مصر المحروسة، وفرحنا كثيراً ونحن نشاهد ذلك الحكم "الشمولي" الذي جثم على صدر مصر لأكثر من ثلاثين سنة، واستنزف ثرواتها واستأثر بها لنفسه وحاشيته، نراه يعلن الرحيل والاستسلام أمام تلك الحشود المليونية من المصريين.

كيف لا نفرح ونقف احتراما وتقديراً ونحن نرى الثوار المصريين المسيحيين وهم يشكلون طوقا بشرياً حماية لزملائهم الثوار المصريين المسلمين وهم يؤدون صلاة الظهر في ميدان التحرير؟! كيف لا نفرح ونحن نشاهد كل أطياف المجتمع المصري مجتمعين تحت ظل علم بلادهم؟! وكيف لنا ألا نفرح ونحن نسمعهم ينادون بالحرية والتعددية واحترام الآخر ورفض الظلم؟!

سقط مبارك، ونجحت الثورة، وجاءت الديمقراطية، وكان هناك شبه إجماع وترحيب بتلك الثورة، واستبشر الجميع خيراً، إلا أنه في ليلة ظلماء ارتدت مصر ثوب التطرف وعاد "المرشد" ليحكم بالكُرباج من جديد من ورائه تجار الدين وهواة القتل والتكفير.

لقد دخلت عالم "تويتر" قبل يومين فقابلني "هاش تاق" مليء بأفكار الانتقام والبغض والتكفير، وإن أراد المغردون فما عليهم سوى التوجه إلى "تويتر" والبحث عن (# قتل_شيعة_مصر) لكي يشاهدوا كيف نجح الظلاميون في نشر ثقافة الذبح باسم الدين، ورفع سقف التطرف إلى أعلى مدى، وكيف يبرر أولئك التكفيريون قتل الآمنين في عقر دارهم، فشرعنوا قتل "حسن شحاتة" وسحله والتمثيل بجثته. والخطير في الأمر أن ذلك كله حصل باسم الدين الإسلامي والانتصار للشريعة!

كما أن المريب في الموضوع غياب الأمن أو "تغييبه" من قبل السلطة، التي ربما تكون قد عقدت "صفقات القتل" مع أولئك التكفيريين للتقليل من نقمة الشعب المصري الذي يعد العدة للخروج ضدها في يوم ٣٠ يونيو.

وسجل يا تاريخ أن أول حادث طائفي فى مصر بين السنّة والشيعة كان فى عهد الرئيس المنتخب "محمد مرسى"، واعلموا كذلك أن تصفية الأقليات لن تقتصر على الشيعة فقط!

فسحقاً لهكذا ديمقراطية لا تقبل الطرف الآخر وترفض احترام حقوق الأقليات، ولا تكفل حرية الاعتقاد والتعبير عن الرأي.

خربشة:

ما يفصلنا عن شلالات الدم الطائفية من حولنا،

مجرد قطرة دم واحدة!