لا رأي إطلاقاً للشعب الإيراني في اختيار رئيس دولته، مع أن هناك انتخابات ستجري قريباً ومرشحين سيخوضون معارك انتخابية صعبة، مادام القرار في من يحق له الترشُّح وخوض معركة الانتخابات، أولاً وأخيراً، هو لـ"السيد" علي خامنئي باعتباره الولي الفقيه الذي له عصمة الأنبياء، وفقاً للفتوى التي كان أصدرها علي عبدالعال الكركي (اللبناني) لإسماعيل الصفوي، بعد تحويل الطريقة الصفوية إلى حركة سياسية سعت إلى الحكم، خلافاً لما كان متبعاً في المذهب الجعفري الإثني عشري، في ما يتعلق بالاعتقاد بعودة الإمام المهدي "ليملأ الأرض عدلاً بعد ما امتلأت جوْراً".

Ad

قبل نحو ثلاثة أيام تردد أن "السيد" علي خامنئي أعطى الضوء الأخضر لمنع ترشح هاشمي رفسنجاني لانتخابات رئاسة الجمهورية التي يفترض أن تجري في يونيو المقبل، وهذا يعني أنه لا ضرورة إطلاقاً لهذه الانتخابات ما دام أن الولي الفقيه هو الذي يعين من يحق له الترشح أو لا يحق، وهو الذي يمكنه أن يقرر سلفاً من سيكون الرئيس الجديد، وهذا ما كان يجري عندما كان الإمام الخميني على قيد الحياة.

وبهذا فإن الانتخابات بقيت، منذ انتقال الحكم في إيران بعد انتصار الثورة عام 1979 من النظام الملكي الإمبراطوري إلى النظام الجمهوري المحكوم بولاية الفقيه، مجرد مسرحيات لإشغال الإيرانيين بمعارك انتخابية مفتعلة لا قيمة لها، ما دام أن مرشد الثورة هو الذي يصوت نيابة عن الإيرانيين كلهم، وأنه الذي يختار مسبقاً مَن يحق له أن يحتل موقع الرئاسة الذي ثبت أنه منصب شكلي لا يقدم ولا يؤخر، لاسيما بالنسبة إلى القضايا الرئيسية والأساسية.

كان الإمام الخميني باعتباره الولي الفقيه، الذي له عصمة الأنبياء، ولا قرار إلا قراره في كل ما يتعلق بالبلاد والعباد، قد حرم جلال الفارسي، الذي كان أحد رموز المعارضة الإيرانية في الخارج، وعاد من بيروت عبر دمشق بالطائرة نفسها التي أقلت ياسر عرفات إلى طهران، في زيارة اعتبرت في حينها تاريخية لأنها جاءت حتى قبل أن تحسم الثورة الخمينية الأمور بصورة نهائية.

وما لا يعرفه كثيرون أن الولي الفقيه في السابق واللاحق يمنع منعاً باتاً أن يترشح أي شخص من عرب "الأحواز"، مع أن هؤلاء من أتباع المذهب الجعفري الإثني عشري، إلى منصب رئيس الجمهورية، رغم أنه منصب شكلي، وهذا ينطبق على "البلوش" السنة، إضافة إلى الأكراد السنة، والزردشتيين والأرمن والمسيحيين وباقي المنتمين إلى أقليات صغيرة وهامشية.

إن هذا هو واقع الحال في إيران، وللأسف، ولذلك فإنه لا ضرورة إطلاقاً لهذه الانتخابات الرئاسية التي باتت على الأبواب مادام الترشح لها يجب أن يمر في "مصفاة" الولي الفقيه، ومادامت صناديق الاقتراع مجرد مسرحية مكشوفة على أساس أن اسم الفائز يجري تحديده مسبقاً بقرار من "السيد" علي خامنئي "أدام الله ظله"، ولهذا فإنه يُسجل للسيد محمد مهدي شمس الدين، رحمه الله، أنه رفض ولاية الفقيه هذه رفضاً مطلقاً، واعتبرها "استبداداً دينياً واعتبر أن الولاية للأمة على نفسها من خلال الانتخابات الحرة والديمقراطية".