ذروة الاصطفاف الطائفي!
لا "الأهواز" ولا "سورية" لإيران ولا لغير إيران، كروسيا على سبيل المثال، فـ"الأحواز" عربية وهي ستبقى عربية حتى وإنْ طال الزمن، وسورية التي اختطفها نظام حافظ الأسد وأتبعها إلى حوزة "قُمْ" وعمامة الولي الفقيه، بعدما أصدر الإمام موسى الصدر قبل غيبته الطويلة بعد زيارة لليبيا عندما كانت "جماهيرية" بدعوة من معمر القذافي، فتوى بأنَّ الطائفة العلوية جزء من المذهب الجعفري الإثني عشري الذي أصبح يحكم إيران بعد انتصار الثورة الخمينية في فبراير عام 1979، ستبقى قلب العروبة النابض رغم هذه اللحظة المريضة التي بدأت بانقلاب "الحركة التصحيحية" عام 1970.المثل يقول: "خذوا اسرارهم من صغارهم" وعندما يؤكد رجل الدين الإيراني مهدي طائب، الذي يترأس ما يسمى "مقر عمار الإستراتيجي لمكافحة الحرب الناعمة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، أن أهمية سورية بالنسبة لإيران أكبر من أهمية "الأحواز" ذات الأغلبية العربية والتي تضم تسعين في المئة من احتياطي النفط الإيراني، فإن هذا هو رأي الولي الفقيه علي خامنئي، وهو رأي الدولة الإيرانية التي وصفها رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب بأنها أصبحت تحتل الدولة السورية... وهذا صحيح وهو يَثْبُتُ يومياً بالأدلة القاطعة.
لقد وصلت "الوقاحة"، نعم الوقاحة، برجل الدين الإيراني هذا إلى حد وصف سورية بالمحافظة رقم 35، "وأنها تعد محافظة استراتيجية بالنسبة لنا (أيْ بالنسبة لإيران)... وإذا هاجمنا العدو بغية احتلال سورية أو خوزستان (الأحواز) فإن الأوْلى بنا أن نحتفظ بسورية حتى لو كنا سنخسر إقليم خوزستان (الأحواز) الذي سنستعيده بما أننا نحتفظ بسورية، لكننا إذا خسرنا سورية فإننا لن نتمكن من الاحتفاظ بطهران"! ولعل ما يضع حجراً في فم كل من يستغرب أيَّ حديث عن التدخل الإيراني في الشؤون السورية الداخلية، ليس فقط منذ بداية هذه الثورة العظيمة المنتصرة لا محالة، أن مهدي طائب هذا لم يخجل من أن يقول: "إن النظام السوري يمتلك جيشاً ولكنه يفتقر إلى إمكانية إدارة الحرب في المدن السورية، ولهذا فقد اقترحت الحكومة الإيرانية تكوين قوات تعبئة لحرب المدن قوامها ستين ألف عنصر لتتسلم مهمة حرب الشوارع من الجيش السوري".وإزاء هذه التصريحات التي أطلقها رجل الدين الإيراني هذا، المعروف بأنه من أنصار "حزب الله" اللبناني وأنه إحدى الشخصيات السياسية والدينية الموالية للمرشد الأعلى علي خامنئي، فإن المفترض ألا يلوذ بالصمت نظام يعتبر نفسه نظام حزب البعث العربي الاشتراكي الذي شعاره: "أمة عربية واحدة... ذات رسالة خالدة" والمفترض ألا يسكت عن القول بأن سورية هي المحافظة الإيرانية رقم 35.لقد بقينا نتحاشى الإشارة، مجرد الإشارة، إلى أنَّ هذه الحرب المحتدمة الآن في سورية هي حرب النظام الطائفي العلوي على معظم شعب سورية، وأن اصطفاف إيران بأموالها وأسلحتها وبـ"حزب الله" وبفيلق القدس لصاحبه قاسم سليماني... وبكل شيء إلى جانب هذا النظام هو اصطفاف طائفي، ولذلك عندما يسكت النظام السوري، الذي يقول عن نفسه إنه نظام حزب البعث، على تصريحات مهدي طائب التي قال فيها إن سورية هي المحافظة الإيرانية رقم 35، فإنه يوافق على أن هذا البلد العربي، الذي هو قلب العروبة النابض، فعلاً قد أصبح محافظة إيرانية.