إنسان البادية... لسان البسطاء
![آدم يوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1463597677535940800/1463597704000/1280x960.jpg)
ورغم أن الفليح حمل لواء البداوة منذ السبعينيات، حيث قضى سنوات في مجاهل البادية يفتّش بين رمالها عن آثار ما يتركه البداة المترحّلون، إلا أنه في الوقت ذاته يحظى بصداقات واسعة في أرجاء الوطن العربي، وكثيرا ما يحتضنه الأدباء العرب أينما ارتحل في القاهرة، ودمشق، وعمّان، ويبدون احتفاء بفنه، وشخصه الخلوق المحبب، وسجّل الفليّح كثيراً من هذه المواقف مع أصدقائه العرب والخليجيين عبر زواياه الأسبوعية التي كتبها في الصحافة الكويتية والسعودية، وهي سلسلة أشبه بالمذكرات الحياتية، أخص بالذكر تلك التي كتبها في جريدة "الجريدة"، قبل عدة سنوات.وفي المجمل فإن للفليّح مع الكويت قصة خاصة، إذ أمضى معظم سني عمره فيها، عاملا في سلك الخدمة العسكرية، وكاتباً في عدد من صحفها المحلية، والمجلات المنوعة التي كانت تصدر إبان فترتي السبعينيات والثمانينيات، وتربطه صداقات مع أغلبية شعرائها، سواء أولئك الذين يكتبون القصيدة الفصيحة أم العامية، وتلك ميزة أخرى للفليّح، إذ وجدناه متبحراً في شعر البادية، وأنسابها وقبائلها، وليس غريباً أن نراه محكّما في بعض المسابقات الشعرية للقصيدة العامية، التي تناقلتها القنوات الخليجية، متخذا من حسه النقدي وخبرته في هذا المجال مفتاحاً لتقييم الشعراء وإبداء توجيهاته لهم.بقي أن أشير هنا إلى مسألة هامة تتعلّق بتكريم هذا الرجل عن طريق جمع نتاجه الشعري، وإخراجه إلى الناس في طبعة جديدة ومنقحة، كذلك طباعة مخطوطاته التي لم ترَ النور، وبعضها متعلّق بشعراء البادية، والصعاليك، ويدخل في إطار علم "الأنثروبولوجيا"، وأنا أتوجه بالنداء هنا إلى مؤسستين محليتين هما: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومؤسسة البابطين للإبداع الشعري، فهاتان المؤسستان لديهما الإمكانات الكافية، وتجارب مماثلة سابقا مع مبدعين آخرين، وربّما يأتي الأمر في إطار عقد ندوة عنه وعن حياته، يتخللها طباعة أعماله وتوزيعها، فالفليّح ابن الكويت الذي عشق ثراها ونشأ في رمالها، كما أنه ابن المملكة التي احتضنته، وأكرمته كما يليق بالمبدعين من أمثاله، وفيما يتعلّق بآلية الحصول على أعماله المخطوطة والتنسيق في هذا المجال يمكن الرجوع إلى نجله سامي الفليّح في مدينة الرياض، وهو مثقف وإعلامي في الوقت ذاته.