يعتبر الإنسان المكون الأساسي والعنصر الأهم في بناء الدولة، لذلك نجد أن جميع الدساتير الوضعية تهتم في المقام الأول بتوفير الاحتياجات اللازمة كافة؛ لتهيئة الفرد وتمكينه من العمل والإنجاز. وبما أن معظم الدول تتكون من مجاميع مهاجرة، فلا مفر هنا من العمل على إذابة تلك الفوارق التي تحول دون انصهار الجميع تحت مظلة الدولة، ونجد أن الدول المتقدمة تسعى إلى المحافظة على خصوصية كل مكون من مكوناتها عن طريق سن القوانين التي تكفل حرية الاعتقاد والتعبير عن الرأي، بالإضافة إلى محاربة كل مظاهر التمييز العرقي والديني، وكل ما من شأنه تعكير مبدأ المواطنة.
ونحن هنا لا نختلف عن بقية الدول، فمجتمعنا الكويتي يتكون من خليط مهاجر استوطن هذه الأرض منذ أكثر من ٣٠٠ سنة في عمق التاريخ، وتمكن من الدفاع عن موطنه في مفاصل عدة من تاريخه.ولست هنا بصدد سرد تفاصيل تلك المراحل، إلا أني أود التذكير بمرحلتين مهمتين من تاريخنا، علّها تصل الرسالة!ففي سنة ١٧٨٣ اضطر الكويتيون أن يكونوا طرفاً في أول حرب دفاعية، والتصدي لأطماع "بني كعب" في معركة الرقة، ولأن الغزاة حينها كانوا من الشيعة، آثر شيعة الكويت مواجهتهم، ويومها انتصرت الكويت. في المقابل، وفي عام ١٩٢٠ تعرضت الكويت لغزو آخر بغطاء ديني، وكان الغزاة ينتمون إلى الطائفة السنية، فخرج سنّة الكويت لمواجهتهم في معركة الجهراء، وحينها انتصرت الكويت من جديد.فمن المقرف أن يأتي اليوم بعض الحمقى ليصفوا الكويتيين المنحدرين من أصول فارسية بالمجوس وأحفاد عبدة النار!فلا يوجد هنا أسهل من الهبوط إلى نفس هذا المستوى المتدني ووصف المنحدرين من شبه الجزيرة بأحفاد المشركين أو عبدة هبل واللات وبقية الأصنام! أو المنحدرين من أصول عراقية بحفدة الصابئة!للأسف، إن أولئك المرضى المفلسين يصرون على جر البلد إلى الانقسام، ولا يهنأ لهم عيش إلا بتفتيت هذا المجتمع والإصرار على ممارسة الإقصاء، وتغييب مبدأ الدولة والمواطنة الحقة.ختاماً، لا يسعنا إلا تكرار المطالبة بتفعيل دولة القانون ومحاسبة تلك الأفاعي التي تبث سمومها بين الناس عن طريق نشر خطاب الكراهية بين أفراد المجتمع.(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)خربشة:مع اقتراب الأعياد الوطنية، نقول:حب الوطن لا يُكتب بالرغوة، وشارع المسيرات وحده لا يوصلنا إلى قلب الكويت!
مقالات
المجوس وعبدة الأصنام!
19-02-2013