ذكر السعدون أن توزيع المناصب في الدولة يعتمد على الولاء لا على معيار الكفاءة والإنتاجية، ما يتعارض مع التوجه الشعبي الراغب في التنمية، مؤكدا أن إصلاح مسار الكويت وعلاجه يجب أن يبدأ من الرأس وليس من القدم.

Ad

أكد رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون أن الكويت تحتاج إلى إيقاف هيمنة إيرادات النفط على الميزانية العامة، وإيقاف هيمنة القطاع الحكومي على الخاص، بتوظيف العمالة الوطنية، وتعديل التركيبة السكانية للدولة، لتغيير مسار الدولة من الانهيار إلى النمو.

وقال السعدون، خلال الندوة النقاشية في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت، تحت عنوان «لعنة النفط»، والتي نظمها النادي الاقتصادي بالكلية، إن هذه المحاور هي الأبرز للقيام بنهضة إصلاحية شاملة للدولة، تعمل على إيقاف استنزاف الموارد فيه، والاعتماد بشكل كامل على النفط كمصدر وحيد للدولة والابتعاد عن «لعنته».

وأضاف أن «توزيع المناصب في الدولة، ابتداء من منصب رئيس الوزراء وحتى أصغر منصب، يعتمد على الولاء للأطراف، وبالتالي مكافأتهم على هذا الولاء، لا على معيار الكفاءة والإنتاجية، ما يتعارض مع التوجه الشعبي الراغب في التنمية»، مؤكدا أن «الإصلاح والعلاج يجب أن يبدأ من الرأس وليس من القدم».

أمر صادم

وزاد السعدون انه يجب تعريف مصطلح لعنة النفط، إذ يذكر جيفري فرانكل المختص بالتكوين الرأسمالي والنمو والأستاذ في جامعة هارفارد، في مقالة له نشرت عام 2012 تحت عنوان لعنة الموارد الطبيعية، انه «أمر صادم أن نرى دولا تتمتع بثروات نفطية أو موارد طبيعية أخرى، ولا تحقق معدلات نمو أعلى من دول بلا موارد، إنها حقيقة تدعى لعنة الموارد الطبيعية».

وذكر ان «نائب رئيس الوزراء الكويتي السابق أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد صباح السالم، نشرت له مقالة سابقة، قال فيها حكاية رمزية لكنها حقيقية عن جزيرة صغيرة ونائية في وسط المحيط الهادئ تدعى ناورو، كانت غنية بمادة الفوسفات في سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت، واستخدمت إيراداتها في شراء الود السياسي للناس، حتى أن بعضهم اشترى سيارات لامبرغيني وركنها في المطار لعدم وجود طرق لكي يسابق فيها على مدارجه حالة خلوها، ووظفت الحكومة 95 في المئة من مواطنيها ورحلتهم للعلاج بالخارج، واستشرى فيها الفساد، وبعد تغير أوضاع السوق لغير صالح منتجها، أي الفوسفات، عادت إلى فقر غير مسبوق، حتى أنهم فكروا في هجر الجزيرة وشراء غيرها إن قبل بهم أحد. وهي مقالة رمزية لأنها إسقاط على أوضاع الكويت، أو لعنة الفوسفات مقابل لعنة النفط، وختمها بتساؤل: كيف تجتنب الكويت مصير ناورو؟».

وقال محافظ بنك الكويت المركزي السابق سالم الصباح أنه: «علينا جميعاً أن نعي تماما أن البلاد تقبع الآن على مسافة قريبة من حالة يطلق عليها اقتصاديا مصطلح لعنة الموارد».

وتابع: «النفط أو الموارد الطبيعية، لا يمكن أن تكون لعنة، فهي مجرد جماد عالي القيمة، وهي من هذا المنظور نعمة، لكن الانسان هو الذي يحول النعمة إلى لعنة، إذ يسيء استخدام النعمة، وكمثال على إمكانية تحويل تلك النعمة إلى نعم أو مجموعة من النعم، انه عندما يكون لدى الإنسان الذي اكتشفت في جيله ووقع التعامل مع حصيلتها في نطاق مسؤولياته، بالذكاء والحس الوطني الصادق».

تنظيم إنتاج النفط

وقال السعدون انه «في عام 1973 دفعت حرب أكتوبر والمقاطعة النفطية العربية لدول الغرب أسعار النفط إلى الارتفاع من نحو 3 دولارات للبرميل إلى نحو 12 دولارا، وأصبح إنتاج النفوط الصعبة عند هذا المستوى من الأسعار، اقتصاديا، وفي النرويج القابعة على بحر الشمال، وقبل إنتاج قطرة واحدة من النفط، رسموا في عام 1974 كيفية التعامل مع تنظيم إنتاجه وحصيلة مبيعاته، حتى لا تصيبهم لعنته، أسوة بجارتهم هولندا التي أصابتها لعنة الغاز، وأصبح منذ ذلك الحين تعريف تدهور إنتاجية الاقتصاد وتنافسيته إذا ما أسيئ استخدام حصيلة الثروة، بأنه المرض الهولندي».  واشار الى انه «في التقرير الرسمي النرويجي رقم 25 لعام 1974، قرر النرويجيون تقسيم منطقة الامتيازات النفطية إلى 278 رقعة، وتنظيم منحها تلك الامتيازات في 200 رقعة منها، وعدم منح امتيازات التنقيب لأكثر من 5 رقع في السنة الواحدة، وغرضهم أولا: تنظيم تدفقات النفط إن وجدت، وثانيا: عدم خلق فائض طلب على العمالة ومستلزمات الإنتاج، بما يضخم أسعارها ويؤدي إلى سرقتها أو شح المتاح منها لقطاعات الإنتاج التقليدية».

واردف: «لم يكتف النرويجيون بتنظيم تدفقات النفط مسبقا واحتياطيا، وإنما أصبحوا حجة ومرجعا في التعامل مع تقنيات إنتاجه وتصنيعه، وفي الوقت نفسه وضعوا نظاما صارما لا يسمح بتفريغ القطاعات التقليدية من عمالتها لصالح قطاع النفط في أي وقت، وقرروا وقاية الإنفاق العام من تدفقات إيرادات النفط، وحددوا 4% فقط من الإيرادات المتحصلة من استثمارات إيرادات النفط لتغطية بعض النفقات في حالات طارئة، ويدرسون حاليا خفضها إلى 3% فقط».

وافاد بأن «النرويجيين أسسوا في عام 1990 صندوقهم السيادي أو صندوق النفط، وغيروا اسمه إلى صندوق التقاعد في عام 2005، ورفعوا سقف الاستثمار في الأسهم ضمن استثماراته من 40% إلى 60%، ووضعوا سقفا أعلى 5% للاستثمار في العقار، وكل استثماراته خارج النرويج حتى لا يؤدي إلى خلق ضغوط تضخمية داخلية، وكل المعلومات حول صندوقهم منشورة على موقع المدير-Norges Bank Investment Management-».

واستدرك ان «حجم الصندوق يوم الجمعة الماضي، أي آخر يوم عمل للأسبوع الفائت، كان 724.7 مليار دولار بأسعار السوق في ذلك اليوم، وبقي أن نعرف اليوم أن النرويج تأتي في مقدمة الدول في محصلة معظم مؤشرات الرفاهية، وفي مستوى الحريات ونظافة البيئة ومستويات التعليم ومستويات الدخل والشفافية والنظافة من الفساد».

نتائج كارثية

وشدد السعدون على أنه «أسوة بمعظم الدراسات التي دفعت قيمتها الحكومة، أو تلك المجالس أو اللجان التي شكلتها الحكومة أيضاً، فإن هناك ثلاثة مؤشرات قاطعة، كلها توحي بأننا سائرون في تعظيم حصيلة لعنة النفط، وهو أمر غير قابل للاستمرار دون نتائج كارثية».

والمح الى ان «الوقت يعمل على سيرنا حثيثا إلى مرحلة اللا عودة، والمؤشرات الثلاثة هي: ماضي وحاضر ومستقبل، الاول: بند النفقات في المالية العامة، والثاني: مآل سوق العمل، والثالث: مآل الانحراف في تركيبة السكان، والثلاثة كان ردمهم أهدافا رئيسية لخطة التنمية المقرة في فبراير 2010».

وقال انه «في اعتمادات مصروفات الموازنة العامة للدولة، نلاحظ ضعف معدلات نمو النفقات العامة في زمن الشحة، أو في عقد التسعينيات من القرن الفائت رغم تحميلها تكاليف إعادة بناء ما دمره الغزو، والواقع ان وزير المالية حينها ناصر الروضان أصدر في يناير 1995 تعميماً بخفض الإنفاق الفعلي لما تبقى من السنة المالية -6 اشهر- بـ25%، مع تبني هدف صحيح يدعو إلى موازنة الموازنة العامة بحلول عام 2000، لذلك كان مستوى نفقات عام 1999-2000 مساويا تقريبا لمستوى نفقات عام 1993/1994، وكان معدل النمو للنفقات العامة بين 1989 و1990 ما قبل بداية التغير الجوهري في سوق النفط أي عام 2002-2003، بحدود 4.7%».  وتابع: «في الفترة الثانية، وهي بين 2003-2004 و2013-2014، تضاعف معدل نمو النفقات العامة 3 مرات تقريبا، ليبلغ معدل النمو السنوي المركب نحو 13.5%، وهي حقبة الانفلات المجنون للسياسة المالية، والفترة الثالثة، أو المستقبل، وهي فترة الاصطدام بالحائط، افترضنا فيها معدلا وسطا للنمو، بين الفترة الأولى (4.7%) والفترة الثانية (13.5%)، أو معدل نمو للنفقات العامة بحدود 9%، والنتيجة كما تظهر في الرسم البياني».

الاستهلاك المحلي

وأشار السعدون إلى أن «الكويت تحتاج إلى إيرادات بحدود 38.8 مليار دينار في عام 2020-2021، لمسايرة نمط الإنفاق الحالي، وإذا افترضنا بقاء مستوى صادرات النفط عند مستواه الحالي البالغ 2.45 مليون برميل يومياً من أصل مستوى إنتاج بمعدل 2.8 مليون برميل يومياً، وأن أي زيادة في الإنتاج ستغطي الزيادة الطبيعية في الاستهلاك المحلي، وحتى مع ثبات تكلفة إنتاج البرميل عند مستواها الحالي 7 دولارات للبرميل، وذلك مستحيل، فإن سعر التعادل للموازنة العامة سيحتاج إلى 160 دولارا للبرميل، ويحتاج إلى 340 دولارا للبرميل بحلول عام 2030».

وأضاف ان «كل التوقعات توحي بأن أسعار النفط إلى انخفاض بسبب بطء متوقع لنمو الاقتصاد العالمي، وبسبب نمو المعروض من النفط الناتج عن التوسع في إنتاج النفوط الصعبة والنفوط غير التقليدية، بينما الاحتياجات إلى ازدياد في بلد بلغ فيه طابور طالبي السكن في الانتظار نحو 103.549 آلاف عائلة، وفيه جامعة واحدة بمستوى ضعيف وبمبان متهالكة، وفيه خدمات صحية الأصل فيها الهروب للعلاج في الخارج رغم أن مستوى الإنفاق عليها من أعلى المستويات في العالم». واردف انه «بحلول ذلك الوقت، تحتاج البلد إلى خلق نحو 160 ألف فرصة عمل جديدة. وفي خلاصة، فإن أثر لعنة النفط على المالية العامة واضح، وواضح من أولويات طبيعة الحكومة، كما في صندوق الأسرة الذي أقر مؤخرا، أنها أولويات تعجل بحلول تداعيات تلك اللعنة».

وذكر ان «الوجه الآخر للعمالة هو البطالة، أي ان الفشل في خلق فرص عمل كافية يعني تلقائيا الارتفاع في معدلات البطالة، ويعزى إلى البطالة كونها سببا رئيسيا في أحداث ربيع أوروبا الشرقية في ثمانينيات القرن الفائت، وأحداث الربيع العربي بدءا من تونس في ديسمبر 2010».

تكلفة مباشرة

وتابع السعدون: «مع نهاية ديسمبر 2012، وظفت الحكومة الكويتية نحو 306 آلاف كويتي في قطاعها العام، لتصبح أكبر حكومة في العالم بعد جزيرة ناورو في ثمانينيات القرن الفائت، حيث يخدم موظف عام كويتي واحد مواطن بالغ آخر، وتقدر التكلفة المالية المباشرة وغير المباشرة، أي الرواتب والأجور في الباب الأول من الموازنة، وتلك الأجور لعسكريي وزارة الدفاع والهيئات الحكومية المستقلة الأخرى والمحول للتأمينات الاجتماعية وغيرها، مثل دعم العمالة المواطنة في القطاع الخاص، نحو 10 مليارات دينار، أو 250% كل حجم الموازنة العامة في عام 1999-2000».

ويشير تقرير اللجنة، التي شكلت بطلب من الأمير في أغسطس 2011، إلى أن جملة قوة العمل الكويتية ستبلغ 1.077 مليون بحلول عام 2030، وأن فرص العمل الجديدة المطلوبة في سنة 2025-2026 وحدها ستبلغ 55.9 ألف فرصة، وستبلغ في 2030 وحدها 74 ألف فرصة.

وفي تقرير توني بلير، الذي قام بتمويله الديوان الأميري، ذكر نصاً ما أسماه «القنبلة الزمنية الديمغرافية»، ويقصد عجز الكويت الحتمي عن استيعاب الزيادة في قوة العمل، واستخدم أيضا نفس التعبير الصادم حول الإنفاق العام.

وزاد: «لنحاول اعتماد سيناريو متحفظ لنمو العمالة المواطنة، وبالتبعية نمو فرص العمل، بخفض معدل نمو السكان المواطنين إلى 2.6%، ومعها انخفاض معدل نمو العمالة المواطنة إلى 4.3%، بسبب ارتفاع مستوى الوعي وازدياد مستوى القلق ومعه انخفاض مستوى التدفقات إلى سوق العمل».

وتشير البيانات إلى أنه بحلول عام 2020-2021 سيدخل نحو 160 مواطنا إلى سوق العمل، وهذا الرقم المتحفظ أعلى من نصف ما خلقه القطاع العام في 65 من عمر النفط، والكويت بعيدة عنه 7 سنوات فقط، ويرتفع الرقم المتحفظ إلى نحو 460 ألف فرصة بحلول عام 2030 أي بعد 17 سنة، أي نحو 150%، مما تم استيعابه في القطاع العام بعد 65 سنة من عمر النفط.

وأشار الى ان «ما وصلت إليه اللجنة الاستشارية الاقتصادية الحكومية وما وصل إليه تقرير توني بلير، تحت سيناريو أكثر حظا في التحقق، وكان قطعا قنبلة موقوتة، هي أيضا ذات النتيجة التي وصلت إليها حتى باعتماد سيناريو متحفظ».

معدلات نمو عالية

واستطرد السعدون ان «بعض الدول تتبنى مشروع تنمية مغامرا، بمعنى شديد المخاطر، إذ تسعى إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية بالاعتماد على معدلات نمو عالية ومستمرة للسكان، ولأن معدل النمو الطبيعي، أي قدرة البشر على التكاثر، لا تزيد على 4%، بينما هو في الواقع ما بين 3 و3.5% في أعلى مستوياتها، تزيد معدلات استيراد العمالة ومعها السكان من الخارج بأعلى كثيراً من زيادة أعداد المواطنين.  واردف انه «مع الزمن، تصبح زيادة السكان هي الهدف، لما يعنيه ذلك من زيادة الطلب على العقار وعلى بعض الخدمات والسلع، بما يخلق حافزا ذاتيا للزيادة، عندما يصبح تضخم أسعار الأراضي وارتفاع أسعار الإيجارات مؤشر رواج، وفي ظل وجود دول كثيفة السكان في الجوار، قد يصبح ضمن قطاعات الأعمال الرائجة استيراد البشر لقاء رسوم، أو اتاوة إقامة، وهكذا يخلق نموذج يصنع آلية استمراره على قواعد خاطئة وبعضها فاسد وغير إنساني».

وافاد بأنه «في بعض دول الخليج أصبح المواطنون أقلية، وفي بعض آخر أصبحوا ليس حتى أكبر أقلية، وفي إحداهما أصبح المواطنون ثالث أكبر أقلية، وأصبح الأمن الوطني مهددا كما في تجربة سنغافورة في عقد ستينيات القرن الفائت».

وزاد انه «مع العولمة، وتغير منظومة القيم وقواعد التعامل في العالم، فالأمر لا يحتاج من دول الجوار كثيفة السكان، والتي من المرجح أن تصبح قوى عظمى، سوى المطالبة بإنصاف الجيل الثالث من مواطنيها في دول الأقليات السكانية، حتى يتحقق المحذور بدعم دولي، وتضيع هذه الدول من حكم مواطنيها.

وأكد أن ما بين «نعمة النفط ولعنة الفوسفات هناك فارق واحد، هو الإنسان في سلطة اتخاذ القرار، فكل من النفط أو الفوسفات ثروة طبيعية، وقطف نعمتهما أو تلقي لعنتهما صناعة بشرية»، مضيفا ان «المؤشر الرابع على استشراء واحتمال استمرار لعنة النفط في الكويت هو ببساطة أن الإدارة العامة - الإنسان - في الدول المصابة بلعنة النفط، تصبح بمرور الزمن طاردة لأفضل ما فيها، بينما يتكالب عليها صائدو المكافآت من غير القادرين وغير المخلصين».

نصف القطاع العام بطالة مقنّعة

شدد السعدون على أن «ما يحدث بسبب لعنة النفط، التي يضاعف من وطأتها قلة إدراك الإدارة العامة، ما تم في السنوات الأخيرة من زيادة إغراء الوظيفة العامة على حساب الوظيفة الخاصة، ومعها بدأت في السنوات الثلاث الأخيرة هجرة من القطاع الخاص قدرت بنحو 12 ألف فرصة عمل، إلى القطاع العام».

وزاد ان «الأقسى والأشد كلفة أن أكثر من نصف عمالة القطاع العام بطالة مقنعة، وأن إنجاز معاملة نظيفة وسريعة في أجهزة الحكومة بات شبه مستحيل، وأن إنتاجية الإنسان الكويتي في ترد بسبب رداءة العمل في القطاع العام، أي ان التخريب الممنهج يطال رأس المال البشري، وهو مادة التنمية وهدفها».

وتابع: «ولأن ارتفاع تكلفة الأرض وتكلفة العمالة من أعراض لعنة النفط، ومعها ضعف شديد في الإنتاجية واستشراء كبير للفساد، لم يعد القلق قاصرا على الفشل في تحقيق أهداف التنمية في وقتنا الحاضر، وفشلها قاطع، لكن في إمكانات النهوض بأي مشروع تنمية في المستقبل. إنها لعنة النفط، حيث يحل الولاء مكان الكفاءة على أعلى مستوى من الإدارة العامة، ومكافأة الولاء هي التسامح مع الفساد وضعف الإنتاجية، أو الجزرة، وتغطية الفشل يتم بتغذية التسلط، أو العصا، إنها وصفة شديدة الخطورة، وعود كبريتها شباب محبط وعاطل عن العمل».

الأمل في الكويت لم يُفْقد

تساءل السعدون: «ألم يكن كل من محمد الصباح وسالم الصباح في سدة القيادة في الإدارة العامة للبلد، وكانا واعيين بمسار لعنة النفط، ومع ذلك قررا الاستقالة بإرادتهما، ببساطة، لأنه بهذا المستوى من الإدارة العامة، لا مكان لمن يعرف ويمكنه التعامل مع لعنة النفط من أجل تعظيم نعمته، حتى ولو كانا من أبناء العمومة؟».

واردف: «لعل الأمل في الكويت لم يفقد تماما في طريق الاستدارة إلى نعمة النفط، فمازال في الوقت بعض المتسع، وإن أصبحت التكلفة هائلة واحتمالات النجاح أكثر ضعفاً، فنحن نعرف الداء، إنهم البشر في الإدارة العامة، والدواء يكمن في تغيير جوهري في مفهوم الإدارة ومكوناتها البشرية، والتأخير أو عنصر الوقت قاتل».

الأمن الوطني

ذكر السعدون أنه «عند الكلام عن زيادة السكان لا يفترض إطلاقا أخذها من بعد عدائي، لكن من زاوية تكريسها لتداعيات لعنة النفط، ومن زاوية تأثيرها السلبي على الأمن الوطني، ومن زاوية عدم قابليتها للاستدامة، فلو افترضنا مثلا أن ضعف عدد السكان يحتاج لضعف استهلاك منتجات النفط، حينها سيقفز المقتطع من صادرات النفط من نحو 350 ألف برميل حاليا إلى نحو 700 ألف، أو من 12.5% من حجم الإنتاج النفطي في عام 2012، إلى نحو 25% في 2030».

ولفت إلى أن «ضعف عدد السكان يعني بالضرورة ضعف مصروفات الدعم في الموازنة البالغة حالياً نحو 5 مليارات دينار، دون احتساب أثر التضخم، ما يعني اقتطاعا من جانب الإيرادات نتيجة نقص صادرات النفط، وزيادة ضخمة غير منتجة في جانب المصروفات، ويعني ضغطا شديدا على خدمات أساسية أخرى مثل التعليم والصحة والإسكان وفرص العمل».