«ربيهم يا ريس»
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
هناك أيام في تاريخ الشعوب تتحول إلى علامات، هذه الأيام قد تحمل ذكرى سلبية أو إيجابية، قد تكون عنوان انهيار كبير أو بناء كبير، لكن هذا اليوم يتحول إلى علامة فاصلة بين ما قبله وما يأتي بعده، من هذه الأيام في حياة المصريين هو يوم غد، يوم الثلاثين من يونيو، أتوقع أن يتحول هذا اليوم إلى علامة فارقة في تاريخ البلاد، وأظن أننا سنتحدث في المستقبل عن مصر ما قبل 30/6 ومصر ما بعد 30/6، ليس بالضرورة أن تكون هذه العلامة الفارقة إيجابية، فقد تكون سلبية، لكن الأكيد أن مصر بعدها لن تكون كمصر قبلها، فهذا يوم حاسم حتى لو مر بسلام، وسوف أحاول أن أشرح لماذا؟ لم أكن من المتوقعين أو المتفائلين بأن الثلاثين من يونيو سيغير من الأمر شيئاً، بل كنت ممن يرى أن حالة السكون المصرية ستكون هي الطريق السريع لجماعة "الإخوان" لتنطلق نحو فرض سيطرتها على كل مناحي الحكم والتحكم في المجتمع، كانت المفاجأة لي وللكثيرين غيري أن المصريين هذه المرة كانوا مختلفين، أو على الأقل قطاع كبير منهم، استطاعت جماعة "الإخوان" الحاكمة بأدواتها المختلفة، بما فيها الرئيس نفسه، وبسلوكياتها وأخلاقها التي أشرت إليها سريعاً، أن تخلق حالة غليان أدت إلى أجواء رفض وعدم تحمل فخلقت وضعاً نفسياً مستعداً للتمرد، فنجحت حملة "تمرد" في أن تنتشر بين كثير من المصريين الذين اعتبروها طريقاً للخلاص الذي قد يأتي أو لا يأتي، ولكنه الخيار الوحيد الذي وجدوا أنفسهم فيه، لذلك تمردوا، هذا التمرد الذي تسبب في تلك الحالة من الغضب والعصبية التي بدت على مرسي ورفاقه، فبدأ حرب الوعيد والتربص بكل مخالفيه ومعارضي جماعته الذين ظلوا يصرخون "ربيهم يا ريس".كما قلت اليوم فارق ولكن نتائجه ليست بالضرورة كما يتمنى المشاركون فيه من المصريين "المتمردين"، لكن الأكيد أن الواقع السياسي سيكون مختلفاً، فإذا ما نجحت الحركة في ذلك اليوم فإن هذا إعلان عن مرحلة جديدة في تاريخ مصر عندما يعود البلد إلى فلكه الطبيعي كدولة مدنية وسطية تحاول أن تجد لنفسها مكاناً يليق بها وبتاريخها بين الدول، أو قد يتمكن النظام الحالي من تجاوز موجة الغضب والتمرد هذه بأي ثمن، وبعدها سيكون نظاماً مكشراً عن أنيابه انتقاماً من معارضيه الذين تمردوا عليه، وهنا ستدخل مصر مرحلة جديدة قد تطول، في ظل حكم الجماعة تمارس فيها إعادة تربية المواطنين المعارضين. إذن الأمر الأكيد أن مصر بعد هذا اليوم لن تكون كمصر قبلها، والسيناريوهات جميعها مفتوحة، ويظل موقف الجيش هو أحد العناصر الحاسمة التي اجتهد كل طرف في تأكيد ميل الجيش إليه، إلا أن الحقيقة الواضحة هي أن موقف الجيش لن يمكن معرفته إلا على المحك.لست متجاوزاً حين أعبر عن قلقي من سلوك الجماعة المتوقع، فمقدمات هذا السلوك بدت واضحة من خلال خطاب مرسي الأخير، وهو الخطاب الذي جاء مخيباً للآمال، آمال كثير من المصريين وكثير من العقلاء، وهو الأمر الذي جعل كثيراً من الناس يسخرون من الخطاب كما قال الفنان أحمد حلمي في صفحته على الفيسبوك: "الخطاب تاريخي بمعنى الكلمة، فسيشهد التاريخ أن مرسي أول رئيس يبدأ خطابه يوم الأربعاء لينتهي منه يوم الخميس"، وأضيف: وجمهوره يصرخ "ربيهم يا ريس".