طالت فصول مسرحية تفريغ الدستور من محتواه والتخلص من مجلس الأمة وذلك بتحويله إلى مجلس صوري غير معبّر عن الإرادة الشعبية على غرار "المجلس الوطني" الذي أنشئ كبديل لمجلس الأمة عام 1990 أو مجالس الشورى الخليجية، فالمسرحية لن تنتهي ما لم يتم فرض مجلس الصوت الواحد كأمر واقع بعد أن حقق الهدف فأصبح مجلساً شكلياً يتنافس أعضاؤه في محاولة كسب رضاء الحكومة ومودتها رغم أنها لا تعيرهم أدنى اهتمام وتستهزئ بهم لأنها تعتبرهم في "الجيب"، كما جاء على لسان بعضهم.

Ad

الجميع يتذكر ادعاءات الحكومة ومؤيديها من خلال أدواتهم الإعلامية الضخمة وغير المهنية أن مجلس الصوت الواحد والرأي الواحد الفاقد للشرعية الشعبية والسياسية سيكون "مجلس إنجازات مبهرة وتنمية مستدامة" ونقاشات سياسية راقية، لكن الواقع أثبت عدم صحة هذه الادعاءات حيث لا إنجازات تذكر ولا تنمية حقيقية، بل استنزاف للمال العام وتقييد للحريات وتكريس للخطاب الطائفي والفئوي والروح الانتقامية والفجور في الخصومة.

في السابق كانت الحكومة تشتكي من الاستجوابات وبالذات تلك التي تقدم مع بداية الفصل التشريعي بحجة أنها، أي الحكومة، تحتاج إلى مدة لا تقل عن ستة أشهر لكي تكون جاهزة للرد على الاستجوابات، وكانت جوقة المطبلين والمنافقين تؤيدها وتهاجم أعضاء المجلس مدعية زوراً وبهتاناً بأن المجلس كمؤسسة دستورية هو سبب تعطل التنمية وتراجع البلد!

أما هذه الأيام، فإن أعضاء مجلس الصوت الواحد يتسابقون على تقديم الاستجوابات الواحد تلو الآخر بالرغم من أن الفصل التشريعي للتو ابتدأ والمجلس في "جيب" الحكومة حيث رفع أعضاؤه، أثناء الانتخابات التي قاطعتها غالبية الناخبين، شعاراً لا أساس دستورياً له، وهو "السمع والطاعة"... فماذا حصل؟

يبدو أن حركة الاستجوابات التي قدمت دفعة واحدة ليست سوى حركة استعراضية مقصودة استباقاً لحكم المحكمة الدستورية، والهدف منها هو إيجاد مبرر لحل مجلس الرأي الواحد والدعوة إلى انتخابات على قانون "الصوت الواحد" بعد أن تسقط الطعون بعدم دستوريته، ومن أجل قطع الطريق على حكم المحكمة خوفاً من أن يكون في مصلحة عدم دستورية مرسوم الضرورة القاضي بتعديل القانون الانتخابي!

بعبارات أخرى، يبدو أننا على موعد قريب مع فصل جديد من فصول المسرحية الفاشلة للتخلص من مجلس الأمة من خلال تحويله إلى مجلس صوري رغم أن الناس قد سئمت مشاهدتها، وأدى عرضها المتكرر والباهت إلى عدم الاستقرار السياسي وغياب التنمية وتراجع البلد ما جعل الناس تتساءل، ومعها كل الحق، ترى متى تتوقف هذه المسرحية الباهتة؟!